المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

388

الوجود، والذي تدخل فيه الملازمات، وما يشابهها، فإنّ الملازمة بين تعدد الآلهة وفساد العالم مثلاً أمر واقعي صالح لتعلّق اليقين به على حدّ الموجودات. إذن فهذه العبائر ليست إلاّ ضرباً من المسامحة في التعبير، ولا يراد بها واقع المطلب، وإنّما المراد الواقعي أنّنا لا نكتفي في الاستصحاب بمجرّد اليقين بالحدوث، بل لا بدّ أن يكون متعلّق اليقين أمراً يحمل حكماً وأثراً شرعياً عملياً لكي يجري الاستصحاب بلحاظه، والمدّعى: أنّ المقام لا يوجد فيه يقين بقضية حادثة لها أثر شرعي عملي حتّى يجري فيها الاستصحاب، فاليقين بالحدوث بالنحو الذي هو شرط في الاستصحاب وركن فيه غير موجود في الاستصحابات التعليقية.

ولتوضيح هذا البيان نقول:

هنالك أمران تشريعيان في نظر الميرزا(رحمه الله):

أحدهما: الجعل، وهو القضية الحقيقة التي يعتبرها الشارع ويفرض فيها الموضوع موضع التقدير ليحكم عليه بالمحمول على ذلك التقدير. وهكذا الحال في القضايا الحقيقية الاُخرى غير الجعلية أيضاً.

والثاني: المجعول، وهي القضية الفعلية التي تتحقّق حينما يتحّقق الموضوع فعلياً في الخارج حيث تكون فعلية الموضوع بتمام شرائطه واجزائه موجباً لفعلية المحمول أيضاً، وبذلك تتكون قضية فعلية منجّزة.

وفي المقام إن اُريد استصحاب الأمر التشريعي الأوّل وتسميته بالاستصحاب التعليقي، فهذا جوابه: أنّه لا شكّ في بقاء تلك القضية الحقيقة المجعولة من قبل الشارع؛ إذ المفروض عدم احتمال النسخ ـ ولو فرض ذلك كان من استصحاب عدم النسخ وهو استصحاب تنجيزي ـ. وإن اُريد استصحاب الأمر التشريعي الثاني، وهي القضية الفعلية في الخارج، فهذا وإن كان الشك فيه موجوداً غير أنّ اليقين بالحدوث غير متحقّق بالنسبة إليه؛ إذ لم تكن الخصوصيات والقيود المأخوذة من الحكم كلّها قد تحقّقت في السابق حدوثاً كي يصبح الحكم فعلياً أيضاً.

إذن فبلحاظ أحد الأمرين التشريعيين وهو الجعل لا شكّ في البقاء، وبلحاظ الأمر الثاني وهو المجعول لا يقين بالحدوث، وليست لدينا هنا قضية تشريعية اُخرى غيرهما.

نعم، هنالك قضية ثالثة قد تمّ فيها اليقين بالحدوث والشكّ في البقاء، وهي القضية التعليقية القائلة بأنّ زيداً لو كان عالماً بالأمس لوجب إكرامه، فإنّنا على علم بهذه الشرطية بالنسبة للسابق، وعلى شكّ منها في الوقت الحاضر، غير أنّ هذه القضية لا جدوى في تعلّق