المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

394

الأوّل: إنّ المحقق النائيني(رحمه الله)ذكر في مقام بيان عدم جريان الاستصحاب أنّ قيود الحكم ترجع إلى الموضوع، فقبل تحقّقها لا تحقُّقَ للحكم حتى يستصحب(1) فكأنّما يبدو من هذا الكلام أنّه لو لم ترجع قيود الحكم إلى الموضوع جرى الاستصحاب، وأنّه ذكر(رحمه الله)رجوع القيود إلى الموضوع دفعاً لفرضية لو تمت لجرى الاستصحاب التعليقي، فما هي تلك الفرضية؟

فنقول: لو كان المقصود بما جاء في هذا الكلام من كلمة الموضوع وقيود الحكم ما مضى عن المستمسك إذن يستفاد منه ما نسبه إليه في المستمسك من التفصيل بين ما لو كان القيد راجعاً إلى الحكم أو راجعاً إلى الموضوع، مع دعوى رجوع القيد دائماً إلى الموضوع، ولكن قد مضى أنّه ليس مقصوده(رحمه الله)ذاك المعنى من الموضوع وقيود الحكم وإنّما يقصد بالموضوع القيود المقدّرة الوجود التي قدّر عليها الحكم.

وقد فهم تلميذه المقرّر الكاظمي(رحمه الله)من كلامه أنّ المقصود هو التحرّز عن مبنى كون الأحكام مجعولة للأسباب الشرعية لا للمولى بنحو القضية الحقيقية المجعولة على القيود المقدّرة الوجود. ولهذا اعترض(رحمه الله)عليه تحت الخط بأنّه لا فرق بين ما إذا قلنا بأنّ الحكم مجعول للمولى بنحو القضية الحقيقية على الموضوع المقدر الوجود أو قلنا بأنّه مجعول للأسباب الشرعية، فإنّه على الثاني ـ أيضاً ـ ليس للحكم وجود قبل وجود السبب حتّى يستصحب.

أقول: لو كان مقصود المحقّق النائيني(رحمه الله)ما ذكره المقرّر الكاظمي(رحمه الله)فبالإمكان أن يدفع إشكال المقرّر بأن يقال: إنّ المحقق النائيني(رحمه الله)أبطل فرضية استصحاب القضية التعليقية بأنّها عقلية؛ إذ تارةً يفرض استصحاب جعل الحكم، واُخرى يفرض استصحاب الحكم الفعلي، وثالثة يفرض استصحاب القضية التعليقية. فالمحقق النائيني(رحمه الله)أبطل الأوّل بعدم الشكّ في البقاء، والثاني بعدم اليقين بالحدوث، والثالث بأنّها قضية عقلية. أمّا لو قلنا بأنّ الأحكام مجعولة للأسباب وأنّ الشارع جعلها أسباباً، إذن فالقضية التعليقية ليست عقلية، بل هي شرعية، فلا يتمّ تقريب المحقّق النائيني(رحمه الله).

نعم، بالإمكان أن يُذكر تقريب آخر لإبطال الاستصحاب، لكنّ المقصود أنّ التقريب الذي جاء به المحقّق النائيني(رحمه الله)يتوقّف على أن لا يفترض أنّ الأحكام مجعولة للاسباب وأنّ


(1) راجع فوائد الاُصول: الجزء الرابع ص171 بحسب الطبعة التي هي من منشورات مؤسسة النصر ومكتبة الصدر، وص467 بحسب طبعة جماعة المدرسين بقم.