المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

398

وهذا البيان يرد عليه: أنّه إن قصدت به مجعوليّة الملازمة وشرعيّتها مباشرةً، فهذا غير معقول مطلقاً، فإنّ الملازمة من الاُمور التكوينية لا التشريعية، وإن قصدت به شرعيّتها باعتبار شرعيّة منشأ انتزاعها، فهذا ثابت حتّى في القضية الحملية ولو كان بلسان: (العنب الغالي يحرم).

وأمّا التفصيل الذي نحن نتبنّاه فهو: أنّه لو كان القيد الثاني الذي لم يوجد في الزمان السابق ثمّ وجد بعد طروّ تغيّر على حالة القيد الأوّل مأخوذاً مع القيد الأوّل في عرض واحد، كأن يقول: (العنب الغالي يحرم) أو يقول: (العصير إذا كان عنباً وكان غالياً يحرم) لم يجرِ الاستصحاب، ولو كان القيد الأوّل مأخوذاً بعنوان الموضوع لتقدير القيد الثاني سواءً كان بلسان قضية شرطية محمولة على القيد الأوّل كقوله: (العنب إذا غلى يحرم) أو بلسان قضية حملية محمولة عليه كقوله: (العنب يحرم الغالي منه) جرى الاستصحاب.

وإذا أردنا أن نتكلّم بلغة الشيخ النائيني(رحمه الله)الذي يقول: هل يستصحب الجعل أو المجعول أو التعليقية العقلية الانتزاعية؟ قلنا: نستصحب المجعول، وقول الشيخ النائيني(رحمه الله): إنّ المجعول لم يكن فعلياً لعدم الغليان مثلاً إنّما يأتي فيما إذا كان الغليان مع العنبية مثلاً قيدين في عرض واحد، فلا يوجد عندئذ إلاّ حكم واحد وهو الحرمة وموضوعه العنب الغالي، وهذا الحكم لم تفترض فعليّته لعدم افتراض الغليان. أمّا إذا كان الغليان مأخوذاً كموضوع أو كشرط للحرمة، وكان العنب مأخوذاً في موضوع القضية التي كان موضوعها أو شرطها الغليان، كما لو قال: (العنب يحرم الغالي منه) أو قال: (العنب إذا غلى يحرم) ففي الحقيقة يوجد في المقام حكمان، أو قل: قضيّتان: إحداهما: قضيّةٌ أمّ، وهي: (إذا غلى يحرم) أو (يحرم الغالي منه) وقد جعلت هذه القضية على العنب. والثانية: قضّيةٌ بنت وهي: (يحرم) وقد جعلت على الغليان، والثانية هي التي لم تفترض فعليّتها لعدم افتراض فعلية موضوعها، وهو الغليان، ولكنّ الاُولى افترضت فعلية لافتراض فعلية موضوعها، وهو العنب، فنحن نستصحب القضيّة الأُمّ أو الحكم الأُمّ(1).

 


(1) لا يخفى أنّ هذا البيان يستنبط من كلام الشيخ الإصفهاني(رحمه الله)بفرق أنّه(رحمه الله)لم يوضّح أنّ الأمر الذي هو جزء من القضية الأُم وربطت به القضية البنت قد يكون على شكل الموضوع في القضية الحملية، ومحموله القضية البنت. واُخرى يكون على شكل الشرط، وجزاؤه القضية البنت.

ولولا أنّه(رحمه الله)اعتقد بوجود وجه آخر لحلّ مشكلة الاستصحاب التعليقي زائداً على هذا الوجه، وأنّ ذاك