المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

401

وأمّا المقام الثاني: فهنا إشكالات على كلام المحقّق النائينيّ(رحمه الله)لو تمّت تبطل كلامه بشكل مطلق، ومن دون تفصيل:

الإشكال الأوّل: إنّ المحقّق النائيني(رحمه الله)ـ كما مضى ـ ذكر أنّه هل يستصحب الجعل أو المجعول أو الملازمة؟ أمّا الأوّل فمقطوع البقاء، وأمّا الثاني فغير حادث حين العنبيّة، وأمّا الثالث فأمر عقليّ لا شرعي؛ لاستحالة جعل الملازمة.

وقد يقال في مقام الإشكال على ذلك: إنّنا نأخذ الشقّ الثالث، وقولكم: إنّه أمر عقلي لا شرعي فلا يمكن استصحابه، جوابه: أنّ الملازمة وإن لم تكن تحت سلطان المولى مباشرة، لكنّها تحت سلطانه بواسطة كون منشأ انتزاعها تحت سلطانه. إذن فأمر رفعها ووضعها بيد الشارع.

وهذا الكلام تامّ في مقام إبطال المقدار الذي جاء في كلام المحقّق النائيني(رحمه الله)إلاّ أنّه لا يصلح لتصحيح الاستصحاب التعليقي.

وتوضيح الحال في ذلك: أنّه أساساً ليس من شرط الاستصحاب أن يكون المستصحب شرعياً وتحت سلطان الشارع حتّى يدور النزاع بين المحقّق النائيني(رحمه الله)والمستشكل في أنّ الملازمة في المقام هل هي تحت سلطان الشارع أو لا، فإنّ الاستصحاب وإن كان جعلاً شرعياً لكن هذا لا يستلزم كون المستصحب تحت سلطان المولى، بل يكفي أنّ التعبّد الاستصحابي بالمستصحب هو داخل تحت سلطان المولى دائماً، وإنّما يشترط في الاستصحاب الانتهاء إلى أثر عملي عقلي من التنجيز والتعذير سواء كان المستصحب داخل تحت سلطان المولى أو لا، وعندئذ يقال في المقام: هل يدّعى أنّ استصحاب الملازمة


فإذا اتّضح أنّ اختلاف ما يجعل في العهدة مع وحدة ما في المتعلّق من المبادئ أمر معقول، وأنّ العبرة بما يجعل في العهدة. قلنا في المقام: إنّ المولى تارةً يجعل على عاتق المكلف حرمة العنب الغالي بقوله: (العنب الغالي يحرم) واُخرى يجعل على عاتقه (أنّ العنب إذا غلى يحرم) مثلاً:

ففي الفرض الأوّل لا يجري الاستصحاب؛ لأنّه: إن اُريد استصحاب حرمة العنب الغالي فلا شكّ في بقائها. وإن أريدت الإشارة إلى عنب خارجي أو عنب فرضي واستصحاب حرمته، فالعنب لم يكن حدوثاً متيّقن الحرمة، وإنّما العنب الغالي كان حدوثاً متيّقن الحرمة.

أمّا في الفرض الثاني فأيضاً لو اُريد استصحاب (أنّ العنب إذا غلى يحرم) فلا شكّ في بقائها، ولكن لو اُريدت الإشارة إلى عنب خارجي أو عنب فرضي واستصحاب كونه (إذا غلى يحرم) فهذا الحكم كان متيّقن الحدوث له، فلا بأس باستصحابه.