المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

402

بنفسه ينتهي إلى الأثر العملي من التنجيز، أو ينتهي إلى ذلك بواسطة ما يترتّب عليه من ثبوت الحرمة؟

فإن قيل بالأوّل فمن الواضح أنّ الملازمة وحدها غير كافية لهذا الأثر، ولو فرض محالاً اجتماع العلم بالملازمة وبتحقّق العصير العنبي في الخارج مع عدم العلم بالحرمة لا يحصل تنجيز. وإن قيل بالثاني كان إثبات الحرمة باستصحاب الملازمة تعويلاً على الأصل المثبت، وهو غير جائز.

وبالإمكان أن يقال: إنّ هذا الإشكال يتمّ بناءً على كلّ المباني في الجعل الاستصحابي ما عدا مبنى جعل الحكم المماثل.

وأمّا بناءً على مبنى جعل الحكم المماثل فنقول: إنّ المجعول في المقام هو ملازمة ظاهرية مماثلة للملازمة الواقعية، وبما أنّ الملازمة يستحيل جعلها ابتداءً فهذا يكشف عن جعل منشأ انتزاعها، وليس هذا تعويلاً على الأصل المثبت، فإنّ جعل منشأ الانتزاع ملازم لنفس الحكم الظاهري، فيثبت منشأ الانتزاع، وهو الحكم الظاهري بأنّ الزبيب إذا غلى يحرم.

وكلّ ما ذكرناه إلى هنا كان مأخوذاً من مقالات(1) المحقّق العراقي(رحمه الله)على فوارق دقيقة بين طرز بياننا وبيانه، إلاّ أنّ روح المطلب واحد.

إلاّ أنّ التحقيق عدم تماميّة استصحاب الملازمة حتّى على مبنى جعل الحكم المماثل، وعدم تماميّة ما اختاره(رحمه الله) من التفصيل بين هذا المبنى وسائر المباني.

وتوضيح ذلك: أنّ المدلول المطابقي لقوله: (لا تنقض اليقين بالشكّ) هو النهي عن النقض، وبما أنّ النقض التكويني غير معقول يحمل على النقض العملي، إلاّ أنّ هذا النهي عن النقض إرشاد ـ حسب مبنى جعل الحكم المماثل ـ إلى جعل الحكم المماثل، والنقض العملي لا يشمل الملازمة في المقام؛ لعدم ترتّب عمل عليها، فهذا قرينة على اختصاص النهي بغيرها، ويكون المرشد إليه تابعاً للمدلول المطابقي، وهو النهي الإرشادي، ولا معنىً لإجراء الإطلاق فيه مستقلاًّ، فيتحصّل في المقام عدم جريان استصحاب الملازمة بلا فرق بين المباني في تعيين ما هو المرشد إليه بالنهي الموجود في الحديث، وبهذا يتضح عدم جريان الاستصحاب في كلّ الأحكام الوضعية المنتزعة من الأحكام التكليفية، كالشرطيّة، والسببيّة، والمانعيّة، ونحو ذلك.


(1) ج 2، ص 399 ـ 400 بحسب طبعة مجمع الفكر الإسلامي.