المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

413

يوجد موضوع وأثر، ويجري أصل في الموضوع وأصل في الأثر، فيكون الأصل في الموضوع حاكماً على الأصل في الأثر. وفي المقام ليس كذلك؛ إذ ليس أحد مصبّي الشكّين موضوعاً للآخر.

وإلى هنا يبدو كأنّ نكات المطلب واضحة عنده(رحمه الله)إلاّ أنّه يقول في جواب الإشكال ما لا يفي بحلّ المطلب، وهو أنّه إنّما يكون الأصل الجاري في الموضوع هو الحاكم على الأصل الجاري في الأثر في الشبهات الموضوعية، وأمّا في الشبهات الحكمية فلا يوجد شكّ في الموضوع حتّى يكون الأصل في الموضوع هو الحاكم. إذن فالميزان العامّ لحكومة الأصل هو كون الأصل في أحد الشّكين ملغياً للشك الآخر، دون العكس، من دون فرق بين الشبهات الحكمية والموضوعية.

وهذا الكلام في نفسه صحيح، إلاّ أنّه(رحمه الله)طبّقه على المقام وفرض أنّ الأصل في جانب الحكم التعليقي رافع للأصل في جانب الحكم التنجيزي، ومُلغ للشكّ في مورده، من دون أن يبيّن وجهاً لذلك ونكتةً له، إذن فيبقى سرّ المطلب غامضاً، ولم تعلم نكتة للحكومة في المقام، ومن هنا اعترض عليه السيّد الاُستاذ(1) والسيد الحكيم في المستمسك(2) وغيرهما، ولم يوافقوا على الحكومة.

أقول: إنّ استصحاب الحرمة بنحو القضية التعليقية قبل أن يتكلّم في ابتلائه بمعارضة استصحاب الحلية التنجيزية وحكومته عليه أو عدم حكومته لا بدّ من افتراض صحّته في نفسه ولو تنزّلاً، والمحقّق النائيني(رحمه الله)كان قد أورد على استصحابها أنّ القضية التعليقية أمر عقلي، فلا يمكن استصحابه، والآن حينما يتكلّم في التعارض والحكومة قد افترض تنزّلاً عدم ورود هذا الإشكال على استصحابها في نفسه، وكان هنا إشكال آخر على استصحاب القضية التعليقية لم يذكره الشيخ النائيني(رحمه الله)وهو يتوجّه بناءً على مسلك الشيخ النائيني كما مضى، وهو إشكال المثبتية، حيث يقال: إن قصد باستصحاب القضية التعليقية ترتيب الأثر العملي من التنجيز عليه ابتداءً، فالقضية التعليقية بنفسها غير قابلة للتنجيز، وإن قصد به ترتيب الأثر العملي بتوسّط إثبات الحرمة الفعلية، فهذا تمسّك بالأصل المثبت، فلا بدّ أن نرى ما هو موقف المحقّق النائيني من هذا الإشكال حينما يفترض التعارض بين الاستصحابين


(1) راجع نفس المصدر ص 141.

(2) راجع المستمسك: ج 1، ص 420 بحسب الطبعة الرابعة لمطبعة الآداب في النجف الأشرف.