المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

42

وأظنّ ظنّاً اطمئنانياً أنّ هذا هو مقصود المحقّق العراقي(قدس سره) وإن كان في عبارته قصور.

الوجه الثالث: دعوى: أنّ مناسبة الحكم والموضوع تقتضي عدم اختصاص الحكم باليقين بالوضوء، بتقريب: أنّ النقض إنّما استعمل مع اليقين باعتبار ما لليقين من الإبرام والاستحكام، وهذه المناسبة لا يكون لتعلّق اليقين بالوضوء أيّ دخل فيها، وإنّما طرف هذه المناسبة هو نفس اليقين، فنتعّدى من المورد إلى مطلق موارد اليقين بمقتضى مناسبة الحكم والموضوع(1).

أقول: إنّ هذا الوجه فيه خلط بين مناسبة الحكم والموضوع ومناسبة الألفاظ بعضها مع بعض، فإنّ ما ذكر من أنّ اليقين مستبطن للإبرام والاستحكام، فصحّت نسبة النقض اليه الذي لا يسند إلاّ إلى شيء مبرم ليس بياناً لمناسبة الحكم والموضوع، وإنّما هو بيان لمناسبة إسناد النقض إلى اليقين بحسب عالم اللغة، وهذه المناسبة تصحّح إسناد النقض إلى اليقين بحسب عالم اللغة من دون فرق بين أن يسند إلى جامع اليقين أو إلى قسم خاصّ من اليقين مقيّد بشيء، وعدمُ دخل ذلك القيد في تلك المناسبة لا يبطل صحّة هذا الإسناد كما هو واضح.

نعم، هنا بيان آخر لصحّة اسناد النقض الى اليقين وهو: أنّ اليقين يقتضي بحسب الارتكاز العرفي الجري على طبقه حتى بعد زواله، فمخالفته بعد زواله نقض له، وهذا يبيّن لنا ـ في الحقيقة ـ مناسبة للحكم الاستصحابي مع موضوعه، ومع وجود هذه المناسبة العرفية والارتكاز العرفي ينصرف الكلام من حيث سعة الحدود وضيقها الى ذلك، كما سوف نشير إليه في أحد الوجوه الآتية، فلو أنّهم بيّنوا المطلب بهذا اللسان لكان صحيحاً.

الوجه الرابع: أنّ التعبير بهذا اللسان، أي: بلسان عدم نقض اليقين بالشكّ قد تعدّد وروده في أبواب عديدة من الفقه، فيستكشف من ذلك أنّها قاعدة كلّية، وأنّه قصد باليقين جنس اليقين، حيث إنّ الظاهر إرادة معنىً واحد من هذا التعبير بهذه الصياغة الواحدة في الموارد المتعدّدة(2).

والتحقيق: أنّ هذا لا يورث القطع بالمقصود. نعم، الانصاف: حصول الظنّ بذلك، ولكن


(1) راجع فوائد الاُصول: ج 4، ص 337 ـ 338 بحسب طبعة جماعة المدرّسين بقم، وأجود التقريرات: ج 2، ص 360.

(2) ذكر صاحب الكفاية هذا الوجه بعنوان التأييد، وذلك في الجزء الثاني، ص 284، بحسب الطبعة المشتملة في حاشيتها على تعليقة المشكيني.