المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

420

أقول: إن كان المقصود بهذا الحقّ هو العنوان الانتزاعي الذي ينتزع من القضية التعليقية في المقام، وهي قضية: أنّه لو عَمِلَ لاستحقّ مال الجعالة، فاستصحاب هذا العنوان الانتزاعي ليس له أثر، وإن كان المقصود دعوى: أنّ الجاعل يُنشئ بعقد الجعالة أمرين: أحدهما حقّ أن يملك المجعول له المال بالعمل، والثاني: ثبوت المال له بعد العمل، ويجعل الثاني أثراً للأوّل، والشارع أمضى ذلك بهذا الترتيب، فنحن نستصحب الأمر الأوّل وهو ذلك الحقّ، فيترتّب عليه استحقاق المجعول له للمال بعد العمل؛ لأنّه أثر شرعي للمستصحب، قلنا: إنّ هذه الدعوى في غير محلّها، فإنّ الجاعل لا ينشئ إلاّ الأمر الثاني، وهو استحقاق المجعول له للمال إذا عمل، ولا يوجد هنا حقّ آخر مجعول، وهو حقّ أن يتملك بالعمل.

نعم، ورد في بعض الروايات الحكم بثبوت بعض آثار هذا الحقّ تعبّداً (لا الحكم بثبوت هذا الحقّ) وذلك ما ورد في بعض الروايات من أنّه إذا أوصى أحد بمال لشخص ثمّ مات الموصى له قبل موت الموصي أو قبل قبول الموصى له قام ورثة الموصى له مقامه(1).

وأمّا ما ذكره المحقّق النائيني(رحمه الله)من استصحاب القرار فهو مبنيّ على مبنى فقهيّ في باب الفسخ، مقبول عندنا، وهو أنّ العقد في باب العقود وإن كان بحسب الحقيقة أمراً آنياً يتحقّق وينتهي، لكنّه بحسب اعتبار المُعتَبِر في نظر العقلاء له نوع قرار واستمرار ينقطع بالفسخ(2)إذا كان متزلزلاً، فعند الشكّ في التزلزل يستصحب هذا الاستمرار بعد الفسخ ويترتّب عليه أثره، لكنّ هذا المبنى غير مقبول عند السيّد الاُستاذ، وإنّما هو يقول بأنّ الفسخ أخذ عدمه قيداً في الملكية المجعولة، لا أنّه رفع لذلك القرار وللاستمرار، وبناءً على هذا المبنى لا مجال للاستصحاب في المقام عدا الاستصحاب التعليقي.

 

 


(1) راجع الوسائل: ج 19 بحسب طبعة آل البيت ب 30 من الوصية ح1 ص333 ـ 334.

(2) إن كان يعتبر للعقد نوع قرار واستمرار فإنّما هو قراره في نفس العاقد، وهو ينتهي بالفسخ سواءً كان لازماً أو متزلزلاً. أمّا الذي يبقى بعد الفسخ لو كان لازماً فهو الأثر، وليس القرار.