المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

421

 

 

 

في استصحاب عدم النسخ

 

التنبيه السابع: في استصحاب عدم النسخ، وفيه مقامان:

أحدهما: في استصحاب حكم نفس هذه الشريعة. والآخر: في استصحاب حكم شريعة اُخرى.

 

استصحاب حكم هذه الشريعة:

أمّا المقام الأوّل: فأوّلاً نطرح في المقام السؤال عن أنّه هل الشكّ في النسخ يكون قسماً ثالثاً في قبال الشكّ في سعة دائرة المجعول وضيقه، كما هو الحال في الشبهات الحكمية، وفي قبال الشكّ في الأمر الخارجي، كما هو الحال في الشبهات الموضوعية، أو لا؟

والواقع: أنّ الأمر في ذلك يختلف باختلاف ما يتصوّر في حقيقة النسخ.

فالنسخ يمكن تصوّره بأحد معان ثلاثة:

الأوّل: أن يكون النسخ رفعاً للحكم حقيقةً، بمعنى أنّ الحكم يجعل من قبل المولى بنحو وسيع وممتدّ إلى يوم القيامة، ثمّ قد ينسخ بعد ذلك. وهذا التصوّر غير محتمل بالنسبة لمبادئ الحكم من الإرادة والكراهة والحبّ والبغض؛ لأنّه يساوق البداء الحقيقي المستحيل عليه تعالى، ولكن يمكن تصويره بلحاظ عالم الجعل، فيقال: إنّ الجعل وإن كان أمراً آنياً لا يدوم لكنّه بحسب الاعتبار العرفي والعقلائي الممضى شرعاً كأنّ له نوعاً من البقاء والدوام والاستمرار إلى أن يقطع بالنسخ.

وبناءً على هذا يكون الشكّ في النسخ قسماً ثالثاً مستقلاً برأسه.

الثاني: أن يكون النسخ تقييداً زمانياً، أي: إنّ الحكم من أوّل الأمر كان مجعولاً إلى زمان معيّن لا إلى الأبد، وقد أبدى القيد بعد ذلك في ثوب الناسخ، ولم يكن الجعل مطلقاً ثبوتاً من أوّل الأمر، وإلاّ لكان الجعل بلحاظ زمان ما بعد النسخ لغواً مثلاً.

وبناءً على هذا التصوّر يرجع الشكّ في النسخ إلى الشكّ في سعة دائرة المجعول وضيقها، من قبيل الشبهات الحكمية الاُخرى المألوفة، ولم يكن قسماً ثالثاً.