المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

423

كما أنّه لم يكن المقصود استصحاب المجعول حتّى يفترض تعارضه مع استصحاب عدم الجعل، وإنّما المدّعى أنّ نفس الجعل يحتمل بقاؤه فيستصحب.

كما أنّه لا مجال للإشكال الثالث: لأنّ المدّعى أنّ الحكم جعل على تمام الأفراد إلى يوم القيامة ثمّ احتمل نسخه(1).

كما لا موضوع لهذه الإشكالات على التصوّر الثالث ؛ إذ الشكّ بناءً عليه يكون في الشبهة الموضوعية، لا في الجعل حتّى يجري استصحاب عدم الجعل الزائد، وشبهة التعارض بين استصحاب المجعول واستصحاب عدم الجعل إنّما هي في الشبهات الحكمية لا الموضوعية، كما مضى في محلّه.

كما لا مجال للاستشكال من ناحية تعدد الموضوع، فإنّنا نريد استصحاب الموضوع الخارجي وهو عدم جعل الحلّية مثلاً، ويكون الحكم مجعولاً على كلّ الأفراد مشروطاً بشرط شككنا في انتفائه، لا على بعض الأفراد دون بعض.

فهذه الإشكالات الثلاثة إنّما يمكن افتراض مجال لها بناءً على التصوّر الثاني، وهو كون النسخ تقييداً زمانياً للحكم.

فإن بنينا على هذا التصوير قلنا: أما الإشكالان الأوّلان فقد مضى جوابهما في بحث الاستصحاب في الشبهات الحكمية، ونفس الجواب يأتي هنا، وأمّا الإشكال الثالث فقد أجاب عنه الشيخ الأعظم (رحمه الله)(2) بكلام مجمل، وأجاب عنه المحقّق النائيني (رحمه الله)بكلام


(1) قلت له (رحمه الله): إنّ استصحاب بقاء الجعل بمعنى ذلك الاعتبار الممتدّ يمكن جعله معارضاً لاستصحاب عدم ثبوت الإرادة ومبادئ الحكم بالنسبة لغير المقدار المتيّقن الذي هو من سنخ استصحاب عدم الجعل الزائد الذي يذكر في الإشكال الأوّل والثاني من الإشكالات الثلاثة.

فاجاب (رحمه الله) بأنّ من يستصحب بقاء ذلك الجعل والاعتبار الممتدّ لو كان يرى أنّ ذلك الاعتبار كاف في التنجيز ولو فرض عدم وجود الارادة والمبادئ وراءه، فاستصحابه يكفي في التنجيز، ولا يعارضه استصحاب عدم تلك المبادئ، ولو كان يرى عدم كفايته في التنجيز فاستصحابه في نفسه غير جار، فإنّ ذلك الجعل والاعتبار المطلق إنّما يكون موجباً للامتثال بمقدار شموله للمبادئ، وقد فرضنا في موارد النسخ أنّ هناك اعتباراً وجعلاً مطلقاً شاملاً لكلّ الأزمنة والأفراد إلى يوم القيامة، من دون أن تكون وراءه مبادئ الحكم بهذا النحو من الامتداد والشمول، واستصحاب اعتبار قد يكون من هذا القبيل لا أثر له.

والخلاصة: أنّ المفروض في هذا التصوّر الأوّل لاستصحاب عدم النسخ هو كفاية مثل هذا الاعتبار ما لم ينسخ للتنجيز(ولو من باب كونه بروح وضع مفاده على عهدة المكلف.)، فيجري استصحابه بلا معارض.

(2) راجع الرسائل ص381 بحسب الطبعة المشتملة على تعليقات رحمة الله.