المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

425

فعندئذ نقول: إنّ نكتة حلّ الإشكال ليست هى كون القضية حقيقية لا خارجية، وإنّما نكتة المطلب هي أنّ موضوع الحكم هل هو الطبيعة أو الأفراد ؛ إذ لو فرض الموضوع هو الأفراد فحتّى لو كانت القضية حقيقية يكون الإشكال ثابتاً ؛ لأنّ الموضوع متعدّد ـ لا محالة ـ بتعدّد الأفراد، فيكون اليقين بلحاظ بعض الأفراد والشكّ بلحاظ بعض آخر، وهذا بخلاف ما لو كان موضوع الحكم هو الطبيعة، وعندئذ تكون القضية حقيقية حتماً، فإنّه في هذا الفرض لم يحصل أيّ تغيّر في موضوع الحكم، فيجري استصحاب ثبوت الحكم على الطبيعة.

ولعلّ هذا هو مقصود الشيخ الأعظم (رحمه الله) حيث عبّر بأنّ القضية هنا طبيعية، ولا دخل لخصوصية الأفراد.

وبناءً على هذا الذي ذكرناه قد يشكل الاستصحاب إذا كان لسان دليل الحكم هو لسان العموم لا الإطلاق، فإنّ الموضوع عندئذ هو الأفراد، إلاّ إذا ادّعي رجوع العموم من هذه الناحية بنظر العرف إلى الإطلاق، أي: إنّ العرف يفهم أنّ الحكم للطبيعة، وهذه الدعوى صحيحة.

والنكتة في هذا الارجاع عند العرف هي عدم مدخلية أيّ خصوصية من الخصوصيات الفردية على ما هو المفروض من شمول القضية حتّى للأفراد المقدّرة الوجود، وعليه فيجري الاستصحاب.

 

استصحاب حكم شريعة سابقة:

وأمّا المقام الثاني: وهو استصحاب حكم شريعة اُخرى. فنفس الإشكالات السابقة مع تحقيق حالها تجري هنا حرفاً بحرف، إضافة إلى إشكالين آخرين:

الإشكال الأوّل: العلم الإجمالي بنسخ بعض أحكام تلك الشريعة.

واُجيب بانحلاله بالعلم التفصيلي أو بالعلم الإجمالي الأصغر منه دائرة ـ كما هو الصحيح ـ بلحاظ علمنا بأنّ بعض أحكام شريعتنا المعلومة لنا نسخ لتلك الشرائع.

وأقول: إنّ هذا العلم الإجمالي حتّى مع فرض عدم انحلاله لا أثر له في المقام، فإنّ تأثيره في إبطال الاستصحاب مشروط باُمور ثلاثة:

1 ـ كون الاستصحاب استصحاباً لحكم ترخيصي، فلا يوجد محذور في استصحاب الأحكام الإلزامية.

2 ـ كون العلم الإجمالي علماً بنسخ الترخيص، فإذا كان متعلّقاً بالجامع بين الترخيصات