المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

43

ليس هذا ظنّاً لفظيّاً حتّى يدخل في كبرى حجّيّة الظهور، فلا دليل على حجّيّة مثل هذا الظنّ.

الوجه الخامس: أنّنا نستفيد من قوله: «فإنّه على يقين من وضوئه» بالرغم من أخذ كلمة الوضوء في الكلام، وكذا من قوله: «ولا ينقض اليقين بالشكّ» ـ حتّى لو جعل اللام للعهد ـ القاعدة الكلية غير المختصّة بالمورد؛ وذلك لأنّ التعليل في كلام الإمام(عليه السلام)ظاهر في كونه مسوقاً مساق التقريب إلى الذهن، والتقريب إلى الذهن إنّما يكون إذا اُخذ بالتعليل المركوز في الأذهان، والتعليل المركوز في الأذهان إنّما هو اقتضاء نفس اليقين لعدم النقض بالشكّ، وأمّا اقتضاء اليقين بالوضوء ـ بما هو يقين بالوضوء ـ لعدم النقض فليس أمراً مركوزاً، ولا يصلح لمقربيّة الحكم إلى الذهن، إذن فتلغى بهذه القرينة خصوصية المورد(1).

وهذا الكلام بهذا المقدار غير تامّ، فان التعليل في كلام الإمام(عليه السلام) ليس ظاهراً في خصوص كون الداعي له التقريب إلى الأذهان، بل قد يكون لداع آخر، وهو داعي إعطاء قاعدة عامّة وتعميم الحكم من المورد، وعليه فلعلّ الداعي في ما نحن فيه من ذكر التعليل هو داعي تعميم الحكم من المورد وهو الشكّ الناشىء من احتمال النوم إلى سائر احتمالات الحدث، ولم يكن الشكّ من ناحية النوم موجوداً في كلام الإمام(عليه السلام) حتّى يفرض اللام في الشكّ ـ أيضاً ـ عهدياً.

نعم، يمكن تطوير هذا الوجه، وذلك بأن يقال: إنّ التعليل في كلام الإمام(عليه السلام) إذا كان بشيء مركوز في الأذهان ـ ولو بنحو يختلف حدوده سعةً وضيقاً عمّا في العبارة ـ يوجب انصراف الكلام إلى ذلك الشيء المرتكز بحدوده من السعة والضيق، وحيث إنّ المركوز في المقام هو عدم نقض اليقين بما هو يقين بلا خصوصية لباب الوضوء أو باب الطهارة، فيفهم من الكلام الحكم العام(2). وهذه هي مناسبة الحكم والموضوع التي أشرنا إليها في ذيل الوجه الثالث.

بقي هنا شيء، وهو أنّ فرض التعليل إشارة إلى أمر ارتكازي إنّما يتّم على ما سلّمناه نحن من ارتكازية الاستصحاب للعقلاء ولو على أساس الوهم. وأمّا الأصحاب الذين أنكروا ذلك عند ذكر الاستدلال على الاستصحاب بالسيرة العقلائية، فذكرهم لهذا الارتكاز هنا


(1) راجع الكفاية: ج 2، ص 284، حسب الطبعة المشتملة في حاشيتها على تعليقة المشكيني.

(2) راجع أجود التقريرات: ج 2، ص 360، وفوائد الاُصول: ج 4، ص 338 بحسب طبعة جماعة المدرّسين بقم.