المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

430

لوازم الأمارات حجّة ؛ لأنّ الكشف والطريقية لا يختصّ بالشيء دون لوازمه، فإذا انكشف شيء فقد انكشف كلّ لوازمه، ولوازم الاُصول غير حجّة ؛ لأنّ جعله قائماً مقام العلم في الجري العملي على طبق شيء لا يستلزم اقتضاء الجري العملي على طبق لوازمه.

وأورد عليه السيّد الاُستاذ بأنّه كما لا يكون التعبّد بضرورة الجري العملي على طبق شيء مستلزماً للتعبد بضرورة الجري العملي على طبق لوازمه كذلك اليقين التعبدي بشيء غير مستلزم لليقين التعبّدي بشيء من لوازمه. نعم، يوجد تلازم بين اليقين الحقيقي بشيء واليقين الحقيقي بلوازمه. وفي باب الأمارات لا يوجد يقين حقيقي بالشيء، وإنّما يوجد اليقين التعبّدي(1)، ومن هنا ذهب السيّد الاُستاذ إلى أنّه يجب التفتيش عن الفرق في لسان الدليل، لا عن فرق جوهري بين الحجّيّتين.

أقول: أمّا أن ننكر الفرق الجوهري بين الحجّيّتين بعد افتراض بطلان الفرق الجوهري الذي ذكره المحقّق النائيني(رحمه الله)، فهذا موقوف على عدم وجود فارق جوهري آخر، وسوف نذكر ـ إن شاء الله ـ ما هو التحقيق في ذلك، وأمّا الإشكال الذي أورده على الفرق الجوهري المذكور في كلام المحقّق النائيني (رحمه الله)فهو وارد عليه في حدود التقريب الذي بيّناه لكلامه، والذي يكون موجوداً في تقريري بحثه، لكنّني أظنّ أنّه(رحمه الله) ينظر إلى أحد أمرين انطمسا في خلال الكلام، ولم ينعكسا على التقريرين:

الأمر الأوّل: أن تدّعى الملازمة العرفيّة بين جعل الطريقيّة والكشف التعبّدي بالنسبة إلى شيء وجعل الطريقيّة والكشف التعبّدي بالنسبة إلى لوازمه، ولا تدّعى ملازمة من هذا القبيل بين جعل الأصل قائماً فقام العلم في اقتضائه للجري العملي على طبق ذلك المعلوم وجعله قائماً مقامه في ذلك بلحاظ اللوازم.

ونكتة الفرق بينهما هي: أنّ العلم ـ حسب ما افترضه المحقّق النائيني(رحمه الله) ـ له صفة الكاشفيّة وله صفة الاقتضاء للجري العملي، والشارع قد يعطي للشيء تعبّداً صفة الكشف، وقد يعطي له تعبّداً صفة اقتضاء الجري العملي على طبق شيء.

أمّا الكشف الذي أعطاه تعبّداً فلو فرض انّه كان ـ على فرض المحال ـ قد أعطاه حقيقة كان لازمه لا محالة الكشف عن كلّ الملازمات، وهذا أصبح نكتة لفهم العرف من إعطاء الكشف تعبّداً إعطاءه بالنسبة للملازمات أيضاً.


(1) مصباح الاصول ج3 ص155.