المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

439

وهنا قد يقال: إنّ هذا المنهج لا ينسجم مع القول بترتّب الآثار الشرعيّة التي تكون بواسطة أثر شرعي آخر ؛ لأنّه إذا صار القرار على دعوى عدم شمول إطلاق الدليل للأثر الذي يكون بواسطة أمر تكويني، للإنصراف عن الأثر مع الواسطة، أو وجود القدر المتيقّن، فلا فرق في ذلك بين الأثر الشرعي الذي يكون بواسطة أمر تكويني والأثر الشرعي الذي يكون بواسطة أثر شرعي.

وقد ذكر المحقّق النائيني(رحمه الله): إنّ الآثار المتسلسلة إن كانت من سنخ واحد، أي: كلّها تكوينية، أو كلّها تشريعية، فالأثر المتأخّر يُعدّ أثراً للشيء وإن كان مع الواسطة. وأمّا إذا لم تكن من سنخ واحد كما لو ترتّب أثر شرعي على أثر تكويني للشيء، فذاك الأثر المتأخّر لا يكون أثراً لذلك الشيء(1).

وهذا الكلام لا نفهم له وجهاً ومحصّلاً إن لم يرجع إلى ما سوف نذكره في آخر البحث، ونختاره، وهو لا يرجع إليه.

والذي ينسجم مع تصوّرات المحقّق الخراساني (رحمه الله) وكأنّه المقصود من عبارته في الكفاية(2) أن يقال: إنّ تنزيل الحياة المشكوكة لزيد مثلاً منزلة الحياة الواقعية عبارة عن ترتيب آثار الحياة الواقعية على الحياة المشكوكة، وفي الحقيقة لا تُرتَّب آثار الحياة الواقعية على الحياة المشكوكة، وإنّما يرتّب عليها أثر آخر كانّه هو أثر الحياة الواقعية، وهذا بدوره يستبطن تنزيلاً آخر، وهو تنزيل الأثر الظاهري منزلة الأثر الواقعي ؛ لأنّ حمله على مجرّد تشبيه الأثر الظاهري بالأثر الواقعي دون تنزيله المولوي منزلته في الآثار خلاف ظهور الكلام في المولوية، وكونه تشبيهاً صدر من المولى بما هو مولىً، وهذا التنزيل الثاني يرتّب


(1) راجع فوائد الاُصول ج4 ص489 بحسب طبعة جماعة المدرسين بقم المشتملة على تعليقات الشيخ العراقي (رحمه الله) وأجود التقريرات ج2 ص417.

(2) لم أر في الكفاية عبارة تشير إلى ذلك ولعل استاذنا الشهيد (رحمه الله) يقصد نفس تصريح الآخوند بدلالة دليل الاستصحاب على ترتيب آثار المنزّل عليه بلا واسطة دون الآثار المترتبة على ذلك بواسطة أثر تكويني حيث لا شك أنه لو فرضنا أن أثر المستصحب ينقسم عنده إلى هذين القسمين وليس له قسم ثالث وهو الأثر المترتب شرعاً على أثر المستصحب فالمفروض أن يكون قد أدخل هذا القسم في القسم الأول وهو الأثر بلا واسطة وهذا يكون توجيهه ببيان أن الأثر الأول بنفسه أصبح أيضاً منزّلاً عليه بلحاظ أثره الشرعي وعلى أي حال فقد وجدتُ هذا المعنى في كلّمات المحقق العراقي (رحمه الله) بعد فرض ارجاع التنزيل الاستصحابي إلى جعل الأثر أو المماثل راجع نهاية الافكار القسم الأول من الجزء الرابع بحسب طبعة جماعة المدرسين بقم وراجع المقالات ج2 ص409 بحسب طبعة مجمع الفكر الاسلامي.