المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

442

اليقين بالشكّ) فإمّا أن يقصد به النهي عن النقض الحقيقي، أو يقصد به النهي عن النقض العملي.

فإن قصد به النهي عن النقض الحقيقي الذي هو غير مقدور كان كناية عن عدم القدرة على نقضه، من قبيل أن يقال: (لا تكسِر البناء الفلاني) بمعنى لا تستطيع كسره، ومرجع بيان عدم القدرة عن نقض اليقين هو التعبّد ببقاء اليقين، وجعل الطريقية ولو بلحاظ الاقتضاء للجري العملي.

وإن قصد به النهي عن النقض العملي فليس هذا نهياً تكليفيّاً وإلزامياً، إذ الاستصحاب يجري في المباحات والترخيصيات أيضا، كما هو مورد صحيحة زرارة. إذن فهو كناية عن ثبوت اقتضاء الجري العملي على طبق اليقين السابق.

فتحصّل: أنّه لا يستفاد من دليل الاستصحاب التنزيل، وإنّما يستفاد منه اقتضاء الجري العملي على طبق اليقين السابق، أو عبّر بإبقاء اليقين العملي.

وصحيحٌ أنّ صحيحة عبدالله بن سنان لم يذكر فيها اليقين، بل ذكر فيها الواقع، حيث قال(عليه السلام): (إنّك أعرته إيّاه وهو طاهر، ولم تستيقن أنّه نجّسه)، لكن هذا ـ ايضاً ـ لا يعيّن التنزيل، فإنّه لم يذكر إلاّ الصغرى، أمّا الكبرى وهي القاعدة التي توجب في موردها الحكم بالطهارة فلا يتعيّن أن تكون بصياغة التنزيل، ولم يثبت كون الارتكاز العقلائي في المقام على عنوان التنزيل، كي يقال: إنّ الكبرى المحذوفة تحمل على ذلك.

الافتراض الثاني: ما اتّضح عند إبطال الافتراض الأوّل من أنّ مفاد الاستصحاب هو النهي عن النقض العملي باليقين، أو التعبد ببقاء اليقين ولو بلحاظ الجري العملي، ونحو ذلك ممّا نسمّي جامعه بإبقاء اليقين العملي، وهذا يختصّ بنفس ما تعلّق به اليقين، أعني نفس المستصحب دون أثره التكويني، أو الأثر الشرعي المترتّب على الأثر التكويني.

وعندئذ يشكل ـ أيضاً ـ إثبات الآثار الشرعية المتسلسلة التي لا يفصلها عن المستصحب أثر تكويني؛ وذلك لأنّ مفاد دليل الاستصحاب هو إبقاء اليقين العملي بلحاظ نفس مصبّ اليقين، ولم يكن للسان الدليل إطلاق أزيد من هذا، فكيف نثبت ترتّب الآثار الشرعية على المستصحب؟!

نعم، نثبت إرادة الشارع ترتيب الأثر الأوّل بدلالة الاقتضاء وصون كلام الحكيم عن اللغوية، ولكن باقي الآثار لا تثبت وإن سلّمنا كونها آثاراً للمستصحب، من باب أنّ أثر الأثر أثر، فإنّ ثبوت الأثر الأوّل لم يكن بملاك كون مصبّ دليل الاستصحاب رأساً هو