المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

449

أنّه يوجد عندنا كشفان:

أحدهما: الكشف عن كون طبيعة الحياة مقتضية للاستمرار والبقاء.

وثانيهما: الكشف عن كون طبيعة عدم اللحية مقتضية للبقاء.

ولا منافاة بين الكشفين أبداً، لكن يوجد التنافي بين تأثير المنكشفين، وجانب اقتضاء طبيعة الحياة يقدّم على جانب اقتضاء عدم اللحية ؛ لافتراض أنّ بقاء الحياة علّة للالتحاء ومؤثّرة فيه تكويناً.

وهذا هو السرّ في ما ارتكز في ذهن السيّد الاُستاذ من حكومة استصحاب الحياة على استصحاب عدم اللحية، ويكون ما نحن فيه شبيهاً بما لو أخبرنا ثقة بوقوع نار في البيت الفلاني، وأخبرنا ثقة آخربأنّه هطل على تلك النارفي نفس الوقت ماء كثير، فإنّنا نصدّق كلا الخبرين، ولا يكون أيّ تعارض بينهما، ونحكم بأنّ الماء غلب على النار،ولم يحترق البيت ؛ لأنّ الماءالكثير يغلب على النار تكويناً.

ولو كان الاستصحاب أمارة تعبّدية وحجّة شرعاً من باب الأمارية الصِرف، فأيضاً يكون الجاري هو استصحاب الحياة دون استصحاب عدم الإنبات ؛ لأنّها فرضت كالأمارة التكوينية، إذ المفروض أنّه جعل حجّة بلحاظ الأماريّة الصِرف، فيتبع قوانين الأمارية التكوينية.

وإن فرض الثاني،أعني الظنّ على أساس القضية الخارجية، كما لو افترضنا العلم بخمسة عشر اُمور خمسة منها عبارة عن وجود خمسة رجال، وخمسة أخرى عبارة عن عدم التحائهم، وخمسة ثالثة عبارة عن وجود خمسة نساء، وأخبرنا صادق بأنّ تسعة اُمور من هذه الخمسة عشر باقية، فعندئذ يكون كلّ واحد من هذه الاُمور التسعة ـ لوخلّي وطبعه ـ مظنون البقاء على أساس هذا الإخبار، ولكن من الطبيعي هنا أن يتعارض الظنّ ببقاء كلّ رجل بنحو القضية الخارجية مع الظن بعدم التحائه بعد فرض الملازمة بين البقاء والالتحاء، ولا توجد أيّ حكومة أو تقدّم في المقام.

وطبعاً الصحيح في ما يفرض من الظنّ الاستصحابي هو الأوّل، أعني كونه ظنّاً قائماً على أساس اكتشاف طبيعة الشيء، لا على أساس القضية الخارجية، فإنّ حوادث العالم ليست محصورة في خمسة عشر أمراً مثلاً حتّى يمكن افتراض إجراء الحساب فيها بنحو القضية الخارجية.

خفاء الواسطة

الأمر الثاني: في خفاء الواسطة.