المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

451

الثاني: أنّ الاستصحاب أثبت ذات المستصحب فقط، وهو صغرى، ونضمّ إليها الكبرى المعلومة فيثبت الأثر، وهو فعليّة الحكم لا محالة.

وهذا المبنى حاله حال المبنى السابق كما هو واضح، إذ المفروض أنّ الاستصحاب لا ينظر إلى الآثار، والكبرى التي تثبت الأثر قد فرضنا أنّها تثبته على الواسطة الخفية،وأنّه ليست هناك مسامحة عرفية تجعل الكبرى ظاهرة في كون الأثر للمستصحب.

الثالث: أنّ الاستصحاب إنّما ينظر إلى الأثر المباشر، ولا يكون لدليل الاستصحاب نظر إلى الأثر مع الواسطة، وذلك لقصور دليل الاستصحاب في نفسه، لا بلحاظ الانصراف.

وإذا سلّمنا كون الاستصحاب ناظراً إلى الأثرالمباشر جاءت شبهة: أنّ مسامحة العرف تجعل الأثر المترتّب على الواسطة الخفيّة كأنّه الأثر المباشر ؛ لأنّه لا يرى الواسطة لخفائها.

وحلّ الشبهة ما سوف يأتي ـ إن شاء الله ـ في بحث اشتراط بقاء الموضوع من أنّ العرف إنّما يكون حجّة في موردين: (أحدهما): في باب مفاهيم الألفاظ وظهوراتها. (والثاني): في باب التطبيق إذا كان نظره نظراً مولويّاً وإنشائيّاً، لا نظراً إدراكيّاً وإخباريّاً، وذلك كما لو قلنا بأنّ عناوين المعاملات أسام للمسبّبات، وجاء حكم على البيع كحلّيّة البيع مثلاً، فهنا يحكّم نظرالعرف الإنشائي ؛ إذ يحكمُ مثلاً بأن المعاطاة تولّد المسبّب. وأمّا في المقام فحكم العرف يكون عبارة عن الإخبار والإدراك في مقام التطبيق، فيرى أنّ الأثر أثر للمستصحب؛ وذلك لأنّه لا يرى الواسطة لخفائها. ونظر العرف في مثل ذلك لا يكون حجّة.

الرابع: أن يقال: إنّ دليل الاستصحاب لولا الانصراف لشمل كلّ الآثار ولو كانت مع الواسطة، إلاّ أنّه منصرف عن الأثر مع الواسطة. وعندئذ إن قلنا: إنّ الانصراف أوجد قيداً في دليل الاستصحاب من قبيل قيد عدم الواسطة، أي: إنّنا أدّعينا الانصراف عن موارد وجود الواسطة كان ذلك حاله حال المبنى السابق ؛ إذ لا يبقى في البين إلاّ مسامحة العرف في التطبيق من باب عدم إدراكه للواسطة في المقام. وإن قلنا: إنّ الانصراف أوجد قيداً أضيق من ذلك، وهو قيد عدم وجدان الواسطة لا عدم وجودها، أي: إنّنا ادّعينا الانصراف عن موارد وجدان الواسطة، فالاستصحاب في المقام يكون حجّة ؛ لأنّ المفروض أنّ العرف لم يجد الواسطة.

بقي الكلام في فروع قد يُرى أنّها تتفرع على حجيّة الأصل المثبت وعدمها.

ولنذكر هنا فرعين رئيسين، ويتضح من البحث فيهما حال سائر الفروع:

الفرع الأوّل: إنّنا حينما نستصحب شهر رمضان في اليوم الثلاثين نرتب آثار العيد على