المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

452

اليوم الذي بعده، في حين أنّنا نحتمل أنّه ليس بعيد، وإنّما العيد هو اليوم السابق، فهذا تمسّك بالأصل المثبت مبنيّاً على خفاء الواسطة ومسامحة العرف، فكأنّ العرف يرى أنّ العيد هو اليوم الذي يكون بعد آخر يوم حكم عليه بأنّه من شهر رمضان، وإلاّ فاستصحاب بقاء شهر رمضان في اليوم الثلاثين كيف يثبت عيدية اليوم الذي بعده؟!

وهذا الإشكال سيّال يأتي في أوّل كلّ شهر، وفي أيّ يوم من أيّام الشهور حينما يوجد أثر مختصّ بذلك اليوم.

وأجاب عن ذلك السيّد الاُستاذ(1) بجواب طريف، وهو أنّنا في أوّل اليوم الثاني نعلم إجمالاً بتحقّق العيد: إمّا في هذا اليوم، أو في اليوم السابق، فنستصحبه، إذ على تقدير كونه في هذا اليوم هو باق، وعلى تقدير كونه في اليوم السابق ليس باقياً، فقد شككنا في بقاء العيد، فيجري استصحابه.

أقول: إنّ هذا الكلام لا يتمّ بناءً على اشتراط كون المشكوك على تقدير ثبوته بقاءً للمتيّقن وعدم كونه نفس المتيقن، فإنّ هذا اليوم: إمّا هو العيد المتيّقن إجمالاً، أو مباين للعيد وليس بقاءً للمتيّقن حتماً، بأن يكون في الواقع تتمّة للمتيّقن من دون انبساط اليقين عليه، فإمّا أنّ اليقين منبسط عليه أو أنّه مباين للمتيّقن.

وقد ذكرت له هذا الكلام فقال نحن لا نشترط ذلك في الاستصحاب.

وأيضاً لا يتمّ هذا الكلام بناءً على مضرّية احتمال عدم اتّصال المشكوك بالمتيّقن، فإنّه هنا من المحتمل كون المتيقّن هو اليوم السابق، والمشكوك هو اليوم اللاحق، وبينهما الليل.

وهذا ـ أيضاً ـ ذكرته له فقال: نحن لا نرى مضرّية احتمال عدم الاتّصال.

وهنا إشكال آخر أوردته عليه، فقبله في ذلك الوقت، إلاّ أنّه لم يذكر في التقريرات، وذكر جريان استصحاب العيد بالتقريب الذي مضى، وذلك الإشكال هو: أنّ هذا الاستصحاب مبتلىً بمعارض أحسن منه أو معارض مثله. بيان ذلك: أنّه إذا كان الأثر مترتّباً على النهار الأوّل من الشهر مثلاً من قبيل صلاة العيد، فهنا يجري استصحاب عدم النهار الأوّل الثابت بالعلم التفصيلي في الليل. وهذا هو الاستصحاب الأحسن. وإن كان الأثر مترتّباً على أوّل الشهر الأعمّ من الليل والنهار فهنا يوجد استصحاب من سنخ الاستصحاب الذي ذكره السيّد الاُستاذ، ويعارضه ؛ وذلك لأنّه في الآن الأوّل من الليل كما يحصل لنا علم إجمالي


(1) راجع مصباح الاُصول ج3 ص165.