المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

453

بوجود أؤّل الشهر: إمّا قبل الليل، وإمّا في الليل، كذلك يحصل لنا علم إجمالي بعدم أوّل الشهر: إمّا قبل الليل، وإمّا في الليل. فإنّ ما قبل الليل مع نفس الليل أحدهما أوّل الشهر والآخر ليس أوّل الشهر، فإن جرى استصحاب أوّل الشهر جرى ـ ايضاً ـ أستصحاب عدم أوّل الشهر، وتساقطا معاً(1).

 


(1) في الدورة التي حضر فيها السيّد الهاشمي (حفظه الله) بحث السيّد الخوئي قرّر السيّد الخوئي الاستصحاب في المقام بالشكل المنقول عنه هنا في المتن، فعرض السيّد الهاشمي الإشكال الموجود في المتن عليه، وذكر له: أنّ استصحاب بقاء الليلة الاُولى مثلاً بعد مضيّ آن من ليلة الواحد والثلاثين معارض باستصحاب عدم الليلة الاُولى المقطوع به في نهار الثلاثين فأجاب السيّد الخوئي بأنّ استصحاب عدمها المقطوع به في نهار الثلاثين لا يجري لمعارضتها باستصحاب عدمها في ليلة الثلاثين المقطوع به في نهار التاسع والعشرين، فإنّنا نعلم إجمالاً بأنّ إحدى الليلتين هي الليلة الاُولى.

وذكر اُستاذنا الشهيد (رحمه الله) بعد أن بلغه هذا الكلام: أنّه يرد عليه:

أوّلاً: أنّه في الأغلب ليس هذا العلم الإجمالي علماً بالتكليف الإلزامي كي يوجب التعارض، فمثلاً لو فرض استحباب الغسل في الليلة الاُولى من شعبان، وقلنا: إنّ الغسل المستحب يغني عن الوضوء، فكل من الاستصحابين إنّما يترتّب عليه أثر إلزاميّ وهو عدم إغناء الغسل عن الوضوء، لا أثر ترخيصي.

وثانياً: أنّه مع فرض أثر إلزامي يقع التعارض بين الاستصحابات الثلاثة، وتتساقط جميعاً، ولا معنى لفرض استصحاب بقاء الليلة الاُولى سليماً عن المعارض، بل مقتضى مبنى السيّد الاُستاذ الخوئي أن يبقى استصحاب عدم الليلة الاُولى في ليلة الثلاثين سليماً عن المعارض، ويسقط استصحاب عدم الليلة الاُولى في ليلة الواحد والثلاثين واستصحاب بقائها فيها بالمعارضة ؛ لأنّ هذين الاستصحابين متناقضان، والسيّد الاُستاذ الخوئي يرى أنّ خروج الاستصحابين المتناقضين عن دليل الحجيّة يكون بمخصّص لبّيّ كالمتصل ؛ لأنّ عدم جريان الاستصحابين المتناقضين واضح. وأمّا خروج الاستصحابين اللذين لا تعارض ذاتي بينهما، وإنّما كان تعارضهما بسبب استلزامهما الترخيص في مخالفة المعلوم بالإجمال، فليس واضحاً، وليس كالمخصّص المتّصل، فاستصحاب عدم الليلة الاُولى في ليلة الثلاثين يبقى بلا معارض، لأنّ المخصّص المتّصل يهدم الظهور، والمخصّص المنفصل لا يهدم إلاّ الحجيّة، ومع انهدام الظهور في المقام بالنسبة لاستصحاب عدم الليلة الاُولى في ليلة الواحد والثلاثين لا يبقى معارض لاستصحاب عدمها في ليلة الثلاثين.

وقد عرض هذان الإشكالان على السيد الاُستاذ الخوئي فقبلهما، إلاّ أنّه أجاب على أصل الإشكال بوجه آخر.

وهو: انّ استصحاب عدم الليلة الاُولى المتيقّن في نهار الثلاثين ـ في الحقيقة ـ استصحاب للقسم الثاني من الكلّي ؛ لأنّنا نعلم إجمالاً في نهار الثلاثين بأحد عدمين: الأوّل: العدم قبل الليلة الاُولى من شوال، والثاني: العدم الحادث بعد الليلة الاُولى من شوال، فإن كان هو العدم الأوّل فقد زال، وإن كان العدم الثاني فهو باق، ونحن لدينا استصحاب يعيّن هذا الكلّي في الفرد القصير، فيحكم على استصحاب الكلّي وهو استصحاب استمرار العدم الثابت من قبل ليلة الثلاثين إلى يوم الثلاثين.