المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

455

بالاستصحاب وهو الجزء الثاني؟

هنا تارةً يقع الكلام في مرحلة الثبوت، واُخرى في مرحلة الإثبات:

أما الأوّل، فذكر المحقّق النائيني (رحمه الله)(1): أنّه يستحيل وضع لفظ الأوّل لجزئين بحيث يثبت معناه حينما يثبت أحد الجزئين بالوجدان والآخر بالاستصحاب.

وبيان ما ذكره(رحمه الله) مع تكميل منّا هو: أنّ اللفظ في أيّ لغة حينما يوضع لمعنى مركّب من أمرين لا بدّ من إلباسهما لباس الوحدة حتّى يعقل أن يكون المجموع معنىً واحداً، ويستحيل أن يكون كلاهما بنحو الاستقلال معنىً لهذا اللفظ بوضع واحد، ويكون إلباسهما لباس الوحدة بأحد امرين:

1 ـ انتزاع عنوان بسيط منهمايوضع اللفظ بازائه.

2 ـ تقييد أحدهما بالآخر، فيوضع اللفظ للمقيّد.

فإن فرض الأوّل كان الاستصحاب في المقام مثبتاً ؛ لأنّ هذا العنوان الانتزاعي لا يثبت بالاستصحاب. وإن فرض الثاني كان ـ أيضاً ـ مثبتاً ؛ لأنّ طرفي التقييد وإن كان أحدهما ثابتاً بالوجدان والآخر بالاستصحاب لكن ما بينهمامن التقييد والارتباط لا يثبت.

أقول: بالإمكان إلباس ثوب الوحدة عن طريق آخر غير طريق انتزاع عنوان بسيط منهما وطريق التقييد إن قصد به التوصيف، وذلك عن طريق الاستثناء والاقتطاع.

وتوضيحه: أنّ العام حينما يستثنى منه شيء كما في قولنا: (المرأة إلاّ القرشية) فهو يعطي وجداناً إلى الذهن مفهوماً وحدانياً يضيق عن الانطباق على مورد المستثنى، ولكن هذا الضيق لم يكن عن طريق التقييد بمعنى التوصيف، بل كان عن طريق الاستثناء، ولذا لو جعل هذا الأمر الوحداني موضوعاً لحكم شرعيّ صحّ إثبات عدم العنوان المستثنى باستصحاب العدم الأزلي، ولا يرجع هذا العدم إلى العدم النعتي.

وعليه نقول في المقام: إنّه بالإمكان أن يفترض أنّ كلمة الأوّل اسم لكلّ يوم هلّ في ليلته هلال شوّال، إلاّ ذلك اليوم الذي يوجد قبله يوم شوّال، بأن يكون الواضع قد تصوّر في المقام تضييق دائرة أوّل شوّال بنحو لا ينطبق على الأيّام الاُخرى بعد اليوم الأوّل عن طريق الاقتطاع والاستثناء، لا عن طريق التوصيف، فبالإمكان، إثبات عدم المستثنى بالاستصحاب.


(1) راجع فوائد الاصول ج4 ص499 بحسب الطبعة المشتملة على تعليقات الشيخ العراقي (رحمه الله)المطبوعة من قبل جماعة المدرسين بقم وأجود التقريرات ج2 ص421.