المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

458

كانت وجدانية.

والثانية: في ما إذا كانت النجاسة مستصحبة والرطوبة وجدانية.

أمّا الجهة الاُولى، فقد عرفت ما ذكروه من التفصيل من أنّه لو كان الموضوع هو السراية فهي لا تثبت باستصحاب الرطوبة ؛ لأنّ هذا تعويل على الأصل المثبت، ولو كان الموضوع هو الرطوبة فالاستصحاب جار بلا إشكال.

أقول: إن كان الموضوع هو السراية ـ كما هو الحقّ ـ فالاستصحاب مبتلى بإشكال المثبتية ـ كما قالواـ، وإن كان الموضوع هو الرطوبة فهنا يجب أن نرى أنّ الموضوع هل هو نجاسة الملاقى ورطوبة ذات النجس، أو هو نجاسة الملاقى ورطوبة النجس بما هو نجس.

فبناءً على الأوّل ـ وهو الحقّ ـ صحّ ما ذكروه، فإنّ جزء الموضوع وهو النجاسة ثابت بالوجدان أو الاستصحاب، والجزء الآخروهو الرطوبة ثابت بالاستصحاب، فقد ثبت تمام أجزاء الموضوع.

وعلى الثاني إنّما يجري استصحاب الرطوبة إذا كنّا نعلم حدوثاً برطوبة النجس بما هو نجس، وإلاّ فاستصحاب رطوبة الشيء لا يثبت رطوبته بما هو نجس، ولسنا دائماً نعلم حدوثاً برطوبة النجس بما هو نجس، فإنّه بالإمكان أن يفترض عدم العلم بذلك في فروض:

منها: أن نفترض شيئاً ثبتت نجاسته بالاستصحاب، ثمّ أصبح رطباً بعد أن كان يابساً، ثمّ شككنا في بقاء الرطوبة، فاستصحبنا الرطوبة فهذا الاستصحاب لا يثبت رطوبة هذا الشيء بما هو نجس(1).

ومنها: أن نفترض أنّ الشيء كانت نجاسته العارضة عليه نجاسة ذاتية، كما لو كفر المسلم وقلنا بنجاسة الكافر، وقد كان جسمه قبل النجاسة رطباً فأردنا استصحاب رطوبته بعد النجاسة، فهذا الاستصحاب لا يثبت رطوبة بدنه بما هو نجس.

ومنها: ما إذا كان الشكّ في رطوبة الملاقي لا الملاقى النجس، فعندئذ إن قلنا: إنّ الملاقي المرطوب إنّما ينجس بملاقاة النجس من باب أنّ النجس يصبح بسبب ملاقاة المرطوب


(1) لا يخفى أنّه في هذا الفرع لا تثبت نجاسة الملاقي حتّى لو فرضت قطعيّة بقاء الرطوبة بناءً على كون جزء الموضوع رطوبة النجس بما هو نجس ؛ لأنّ المفروض أنّ أصل النجاسة إنّما ثبتت بالاستصحاب، واستصحاب النجاسة لا يثبت كون الرطوبة رطوبة النجس بما هو نجس إلاّ بالملازمة العقلية. وهذا في الحقيقة رجوع إلى ما سيأتي من بحث الجهة الثانية. أمّا لو غضضنا النظر عن ذلك وافترضناأنّ رطوبة النجس الاستصحابي تعتبر رطوبة النجس بما هو نجس، اذن فبعد الشكّ في الجفاف يجري استصحاب رطوبة النجس بما هو نجس بلا إشكال.