المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

459

مرطوباً فينجّس ـ وذلك لأجل أنّ الارتكاز يقتضي أنّ الانفعال يكون بتأثّر الملاقي بالملاقى لا العكس ـ فمن الواضح أنّ الاستصحاب لا يجري ؛ إذ لا تثبت به رطوبة الملاقى النجس.

وإن قلنا: إنّه تكفي في نجاسة الملاقي نجاسة الملاقى ورطوبة الملاقي فعندئذ نرجع إلى نظير ما مضى، بأن نقول: هل الموضوع هو رطوبة الشيء في نفسه، أو رطوبته بما هو ملاق للنجس؟ فعلى الأوّل يجري الاستصحاب، وعلى الثاني لا يجري.

ومنها: ما إذا افترضنا أنّ الشيء كان رطباً ولم ندرِ أنّه جفّ أو لا، ثمّ تنجّس بنجاسة مرطوبه، وعلمنا أنّ تلك الرطوبة الثانية التي اكتسبها من النجس زالت، ولم نعلم أنّ الرطوبة الاُولى التي كانت قبل النجاسة زالت أو لا، وذلك كما لو كانت الرطوبة الثانية سنخ رطوبة تكون أسرع في التحوّل إلى البخار من الرطوبة الاُولى، فعندئذ نقول: إنّ استصحاب الرطوبة الاُولى لا يثبت رطوبة هذا الشيء بما هو نجس.

وأمّا الجهة الثانية، فقد عرفت أنّهم ذكروا أنّ استصحاب النجاسة يجري سواء قلنا أنّ الميزان في انفعال الملاقي هو رطوبة النجس، أو سرايتها ؛ لأنّ الرطوبة أو السراية ثابتة بالوجدان، والنجاسة تثبت بالاستصحاب.

وهنا ـ أيضاً ـ يأتي التفصيل المتقدّم، فيتمّ هذا الكلام بناءً على ماهو الحقّ من أنّ أحد جزئي الموضوع هو رطوبة ذات الملاقى أو سرايتها. وأمّا بناءً على أنّه هو رطوبة النجس بما هو نجس، أو سرايتها، فهذا الاستصحاب لا يثبت ذلك.

ثم إنّ هذا البحث كلّه كان فيمالو افترضنا أنّ النجس غير بدن الحيوان.

وأمّا إذا كان النجس هو بدن الحيوان فزوال الرطوبة عنه يساوق زوال النجاسة عنه لو قلنا: إنّ بدن الحيوان ينجس، فهنا نحتاج إلى استيناف بحث جديد في أنّه لو شككنا في زوال الرطوبة عن بدنه ولاقى بدنه شيئاً رطباً أو ساور المائع الذي ينجس على تقدير وجود تلك النجاسة، فهل يحكم بنجاسة ذلك الشيء، أو ذلك المائع، أو لا؟

ذُكِرَ في المقام: أنّ هذا يبتني على البحث في أنّ بدن الحيوان هل ينجس بملاقاة النجاسة ثم يطهر بالجفاف، أو لا ينجس أصلاً، فعلى الثاني لا يجري استصحاب النجاسة؛ لأنّ المفروض عدم نجاسة بدنه، ولا استصحاب الرطوبة وبقاء عين النجس ؛ لأنّه لا تثبت بذلك ملاقاة ذلك الشيءأو المائع للنجس. وعلى الأوّل يجري استصحاب نجاسة بدن الحيوان، وتثبت بذلك نجاسة الملاقي.

أقول: إنّ عدم جريان الاستصحاب بناءً على المبنى الثاني واضح. وأمّا على المبنى الأوّل