المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

460

فتنقيح الكلام فيه هو:أنّ هناك نكتة فقهية يجب أن تلحظ، وهناك نكتة أصولية يجب أن تلحظ أيضاً:

أمّا النكتة الفقهية فهي أنّ بدن الحيوان بناءً على تنجّسه بملاقاة النجاسة لا نقبل منجّسيته، لأنّ الدليل على منجّسيّة المتنجّس الأوّل هو أخبار غسل الأواني والفراش ونحو ذلك، وهي لا تشمل ما يكون من قبيل بدن الحيوان الذي لا يحتاج إلى الغسل حتماً؛ إذ المفروض أنّه يطهر بمجرّد زوال النجاسة أو جفافها، ومنجّسية المتنجس الذي يحتاج إلى الغسل لا تلازم منجّسية متنجس تكون نجاسته أخفّ من ذلك، فهي ليست إلاّ نجاسة تبعيّة لعين النجس، وتزول بزوالها، والعرف بما هو عرف يحتمل الفرق بينهما في التنجيس، فلا يمكن التعدّي بالارتكاز العرفي.

وأمّا النكتة الاُصولية فهي مبتنية على مقدّمة، وهي دعوى أنّ ملاقاة النجاسة إنّماتكون موضوعاً للحكم بنجاسة الملاقي إذا كانت ملاقاة اُولى. وأمّا الملاقاة الثانيةوالثالثة و... فليست موضوعاً للنجاسة، وعندئذ نقول: إنّ هذا المائع لم يتنجّس بملاقاة بدن الحيوان حتماً؛ لأنّه: إمّا أنّ بدن الحيوان طاهر ـ كما إذافرض زوال عين النجاسة ـ أو أنّه قد لاقى هذا المائع (قبل ملاقاته لبدن الحيوان) عين النجاسة الثابتة على بدن الحيوان. إذن فلا يجري استصحاب نجاسة بدن الحيوان للقطع بعدم تنجس المائع ببدن الحيوان، كما لا يجري استصحاب بقاء الدم أو أيّ نجاسة اُخرى على بدن الحيوان لعدم ثبوت ملاقاة المائع لتلك النجاسة بذلك(1).

وقد نُقِلَ: أنّ السيّد الاُستاذ ذكر في بحثه في هذه الدورة الأخيرة التي هو مشغول بها فعلاً(2) هذه النكتة الاُصولية وأجاب عنها بأنّه ليس المقصود إثبات نشوء نجاسة الملاقي من بدن الحيوان، وإنّما المقصود إثبات نجاسة الملاقي، فإن كان المقصود إثبات نشوئها من بدن الحيوان صحّ أن يقال: إنّ هذا مقطوع العدم، فكيف يثبت تعبّداً. وأمّا أصل نجاسة الملاقي فليست مقطوعة العدم، فيمكن إثباتهاتعبداً.

أقول: إنّ هذا الكلام غريب، فإنّه لو كان المقصود إثبات نجاسة الملاقي بأصل حكمي


(1) وهذا الإشكال يأتي ـ ايضا ـ في غير الحيوان إذا كان المستصحب هو رطوبة الملاقى، فيقال: إنّ الجسم الملاقى لم ينجّس الملاقي يقيناً ؛ إمّا لجفافه، أو لكون الملاقاة معه بعد الملاقاة مع الرطوبة، واستصحاب الرطوبة لا يثبت الملاقاة مع الرطوبة إلاّ بالملازمة العقلية. إذن لا تثبت نجاسة الملاقي بملاقاة الجسم، ولا بملاقاة الرطوبة.

(2) بتاريخ 1389 هجرية.