المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

461

صحّ أن يقال: إنّ هذه النجاسة غير مقطوعة العدم، فلا بأس بإثباتها تعبّداً، لكن المفروض هو إثباتهابأصل موضوعي، ومعنى ذلك أن نثبت فرداً من أفراد موضوع نجاسة هذا الملاقي، وهذا ما لايمكننا إثباته ؛ لأنّ موضوع نجاسة الملاقي له فردان: أحدهما ملاقاة الدم الموجود على بدن الحيوان مثلاً،وهذا لايثبت إلاّ بالأصل المثبت. والثاني ملاقاة بدن الحيوان في حالة كونه نجساً، وهذا الموضوع في الحقيقة مركّب من ثلاثة أجزاء: ملاقاته لبدن الحيوان، ونجاسة بدن الحيوان، وعدم ملاقاته مسبقاً بنجاسة اُخرى. وليكن كل واحد من هذه الأجزاء ثابتاً: إمّا بالوجدان، وإمّا بالأصل، لكنّنانعلم وجداناً أنّ مجموع هذه الأجزاء الذي هو فرد من أفراد موضوع النجاسة غير ثابت ؛ وذلك لعلمنا الإجمالي إمّا بطهارة بدن الحيوان، أو بأنّه قد حصلت ملاقاة لعين النجاسة قبل ملاقاة بدن الحيوان.

وكان الأولى به ـ دامت بركاته ـ أن يناقش هذه النكتة الاُصولية بوجهين آخرين:

الأوّل: أنّ عين النجس الموجودة على بدن الحيوان إذا كان لهانُتوءٌ وحجم بارز كان لهذه النكتة الاُصولية مجال. وأمّا إذاكانت رطوبة لا حجم لها عرفاً بحيث تكون الملاقاة لعين النجس ولبدن الحيوان في وقت واحد بحسب النظر العرفي وإن فرض الترتّب بينهما بالدقة الفلسفية، فلا مجال لتلك النكتة الاُصولية، فإنّ بدن الحيوان يكون عندئذ منجِّساً في عرض منجسية عين النجس.

الثاني: أنّ عدم كون الملاقاة المسبوقة بملاقاة نجاسة اُخرى موضوعاً للحكم بالنجاسة إنّما هو على أساس اللغوية العرفية، من باب أنّه لا يجب التطهير إلاّ مرّة واحدة، ولا يتعدّد بتعدّد الملاقاة، ولولاها لتمسّكنا بإطلاق دليل (إنّ ملاقاة النجاسة تنجّس) لو وجد نصّ من هذا القبيل، وعندما تترتّب ثمرة عملية ترتفع اللغوية، ولذانقول بأنّ ما لاقى الدم إذا لاقى بعد ذلك البول تنجس مرّة ثانية ؛ لأنّه يترتّب على ذلك أثر عملي، وهو لزوم التعدّد في الغَسل.

وفي ما نحن فيه تترتّب ثمرة على النجاسة بلحاظ بدن الحيوان، وهي أنّ النجاسة بلحاظ ملاقاة الدم لاتصل ولا تتنجّز، لكن النجاسة بلحاظ بدن الحيوان تقبل الوصول والتنجّز.

فإن قلت: إنّ اللغوية في المقام عرفية، واللغوية العرفيّة إنّما ترتفع بتصوير ثمرة عرفية دون ثمرة اُصولية من هذا القبيل:

قلنا: إن بُني على أنّ مثل هذه الثمرة لا ترفع اللغوية كان معنى ذلك عدم الالتزام بشمول إطلاق دليل منجسية الملاقاة لبدن الحيوان رأساً، أي: عدم التسليم بأنّ بدن الحيوان ينجس؛ إذ ليس لنجاسة بدن الحيوان التي ترتفع بزوال عين النجس ثمرة إلاّ ما يكون من