المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

463

لوازم مفاد الأمارة، وهي الدليل الدالّ على حجيّة الاستصحاب، وليس من لوازم مفاد الأصل، أي: المستصحب. وهذا واضح.

ولكن يقع الكلام في تشخيص مصاديق هذا الشيء فنقول: إنّ ما يكون لازماً للجعل الاستصحابي تارةً يكون لازماً له على كلّ المباني في تشخيص حقيقة هذا الجعل من كونه جعل الحكم المماثل، او جعل الطريقية، أو غير ذلك. واُخرى يكون لازماً له على بعض المباني.

أمّا الأوّل، وهو ما يكون لازماً للجعل الاستصحابي على كلّ المباني، فهو تارةً يكون من باب قيام دليل تصديقي على الملازمة بين التعبد الاستصحابي وهذا اللازم. واُخرى يكون من باب الملازمة التصوّرية بينهما الموجبة لظهور دليل الاستصحاب في ثبوتهما معاً.

وتوضيح الثاني هو: أنّه قد يقال: إنّ التعبّد بالاُبوّة والتعبّد بالبنوّة بينهما ملازمة تصورية، أي: إنّ تصوّر أحدهما يستلزم تصور الآخر، فالدليل الدالّ على التعبّد بأحدهماوهو الاُبوّة مثلاً ـ لو فرض إمكان الشكّ في بقائهاـ آلة لا يجاد تصوّرين طوليين وبحكم استتباع الدلالة التصورية للكلام للدلالة التصديقية يثبت لدليل الاستصحاب ظهور تصديقي في كلا الأمرين، ولعلّ هذا هو مراد من استثنى من عدم حجيّة الاستصحاب المثبت المتضايفين.

إلاّ أنّ الصحيح أنّ هذا القسم من اللوازم لا يثبت، وذلك لأنّه لو كان دليل الاستصحاب على التعبّد بالاُبوّة بالخصوص صحّ هذا التقريب، لكن دليل الاستصحاب لم يدلّ على التعبد بهذا العنوان الخاصّ، وإنّمادلّ على التعبد بعنوان عامّ، وهو عنوان ماتيقّن به في السابق، وهو بهذا العنوان ليست له دلالة تصوّرية على التعبّد بالبنوّة حتى تتحوّل إلى دلالة تصديقية.

إذن، فينحصر الأمر في أن يفرض دليل تصديقي يدلّ على الملازمة بين التعبّد الاستصحابي وحكم آخر واقعي أو ظاهري، سواء كان دليلاً شرعياً، أو دليلاً عقلياً، أو ارتكازاً عقلائياً بحيث يفرض أنّ العرف لا يتصوّر أنّ مولىً عاقلاً يحكم بالاستصحاب هنا، ولا يحكم بالحكم الاخر، فينعقد لدليل الاستصحاب ظهور في ذلك الحكم الآخر.

ومثال الملازمة بالدليل التصديقي هو استصحاب نجاسة الماء المتنجّس المتممّ كراً بماء طاهر، واستصحاب طهارة ذلك الماء الطاهر ـ إذا عجزنا عن التمسك بالأدلّة الاجتهادية ووصلت النوبة إلى الأصل العملي ـ فالاستصحابان هنا يتعارضان، ولا يمكن الالتزام