المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

466

كذلك، وليس هذا استثناء من الأصل المثبت، وإنّما هذا داخل في لوازم الأمارة ؛ لأنّ مركز الملازمة والأثر هو نفس التعبّد الاستصحابي الذي هو مفاد أمارة من الأمارات. وأمّا الملاك الثاني فهو نفس ما مضى في خفاء الواسطة من أنّ العرف يسند أثر الواسطة إلى المستصحب، غاية ما هناك أنّ نكتة هذا الاسناد المدّعى هناك كان هو خفاء الواسطة، وهنا هو جلاء الملازمة وشدّة التصاق الواسطة بالمستصحب، ويظهر عدم ثبوت آثار اللوازم هنا بمراجعة ما مضى في عدم ثبوتها هناك.

الأمر الرابع: ذكر المحقّق الخراساني (رحمه الله)(1): انّه إذا كان الامر مرتباً على عنوان الكلّي فهذا العنوان تارةً يكون ذاتياً كعنوان الإنسان، واُخرى عرضياً بنحو المحمول بالضميمة، ويقصد(رحمه الله)بذلك ما يكون بإزائه في الخارج شيء زائد على ذات المعنون كعنوان الأسود الذي يكون بإزائه السواد، وثالثة بنحو الخارج المحمول، ويقصد بذلك العنوان الانتزاعي الذي ليس بإزائه في الخارج شيء زائد على ذات الموصوف والمعنون، كعنوان فوق.

أمّا في القسم الأوّل وهو العناوين الذاتية فقد ذكر (رحمه الله): أنّه لا بأس باستصحاب الفرد وترتيب أثر العنوان ؛ لأنّ الواسطة في المقام التي هي ذلك العنوان وهو عنوان الإنسان مثلاً لا تضرّ بعد ماكان روحها وجوهرها في الخارج ليس إلاّ الفرد.

أقول: إنّ كلامه (رحمه الله) يمكن أن يعمّم، بأن يقال: إنّ ذلك يشمل كلّ الأقسام الثلاثة، فيجري في جميعها استصحاب الفرد لإثبات أثر العنوان، إلاّ أنّ كلاًّ بحسبه، ففي عنوان الإنسان يستصحب فرد الإنسان، وفي عنوان الأسود ـ أيضاً ـ يستصحب فرد الأسود بما هو أسود، فإنّ هذا العنوان بالنسبة لفرده، أي: الاسود بماهو أسود ذاتي لا محالة، وفي عنوان الفوق ـ أيضاً ـ يستصحب هذا الفرد من الفوق بما هو كذلك، فإنّ هذا العنوان ذاتي بالنسبة إليه.

وعلى أي حال، فقد اعترض عليه السيّد الاُستاذ بأنّ جريان الاستصحاب هنا ليس من باب الاستثناء من قاعدة عدم حجّيّة الاستصحاب المثبت، وإنّما هو خارج عن الاستصحاب المثبت موضوعاً، فإنّ العنوان الكلّي إن لوحظ بمعناه الاسمي فهو مباين للفرد، ويأتي إشكال الاستصحاب المثبت، لكنّ الأحكام دائماً تتعلّق بالعناوين لا بمعانيها الاسمية، بل بما هي مرآة، وبما هي فانية في الفرد ومنطبقة عليها، فتثبت تلك الأحكام ـ لا محالة ـ


(1) راجع الكفاية: ج2، ص329 ـ 330 بحسب طبعة المشكيني.