المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

467

باستصحاب الفرد(1).

أقول: الظاهر أنّ مقصود المحقّق الخراساني (رحمه الله) أيضاً كان هو هذا المطلب، لا دعوى الاستثناء من الأصل المثبت.

وعلى أيّ حال، فكلّ هذه الكلمات لا تخلو من تشويش.

وتحقيق الحال بنحو يخرج من التشويش هو: أن يقال: ماذا يقصد باستصحاب الفرد؟ هل يقصد به إجراء الاستصحاب في الفرد الخارجي الذي لا يمكن أن يدرك أو يقصد به إجراؤه في المفهوم الذهني المدرك المضيّق إلى درجة لا تنطبق إلاّ على فردواحد، وهو المفهوم الذي يعبّر عنه بكلمة زيد ونحوها؟

فإن قصد الأوّل قلنا: إنّه لا يجري فيه الاستصحاب، فإنّه ليس هو مصبّ اليقين والشكّ، والأحكام الشرعية، وإنّما مصبّ الجميع هي المفاهيم الذهنية. وان قصد الثاني قلنا: إنّ هذا المفهوم هل يفترض مركّباً من مجموعة مفاهيم منها ذاك العنوان العام الذي يقصد ترتيب آثاره كما لو استصحبنامفهوم زيد الذي هو مثلاً عبارة عن الإنسان الذي طوله كذا وعرضه كذا ولونه كذا و... أو يفترض عدم دخول ذاك العنوان العام في هذاالمفهوم وإنّما ذاك العنوان وهذا المفهوم مفهومان في عرض واحد، متصادقان على شيء واحد، كما لو كان المستصحب مثلاً عنوان المولود في الساعة الفلانية، وهذا المفوم ليس أحد أجزائه عنوان الإنسان؟

فإن قصد الثاني فهذامن أوضح أنحاء الاستصحاب المثبت، وكيف يمكن استصحاب مفهوم وترتيب آثار مفهوم آخر بمجرّد أنّهما متصادقان على شيء واحد؟

وإن قصد الأوّل فهذاالعنوان العامّ بنفسه قد استصحب في ضمن استصحاب الفرد فتترتّب عليه آثاره لا محالة، وباقي المفاهيم المنضمّة إلى هذا العنوان العامّ لو فرض أنّه كان لها أثر صحّ استصحاب الفرد الذي هو استصحاب لمجموعة هذه المفاهيم، وإلاّ فاستصحاب تلك المفاهيم المنضمّة لامعنى له وهذامعناه أنّه عندئذ يجري استصحاب ذاك العنوان العامّ فحسب.

وأمّا في القسم الثاني والثالث فذكر (رحمه الله) التفصيل بينهما، ففي المحمول بالضميمة قال: إنّه لا تثبت آثار هذا العنوان العرضي باستصحاب ذات الفرد، فإنّ هذا العنوان ما بإزائه في الخارج غير ذات الفردوأمر زائد عليه، وهذا الأمر الزائد لا يثبت باستصحاب ذات الفرد. وأمّا في


(1) راجع مصباح الاُصول: ج3 ص171، والدراسات ج 4 ص 169 ـ 170.