المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

468

الخارج المحمول من قبيل عنوان الزوج والملك (على ما يمثّلُ به حيث يرى أنّهما من قبيل عنوان الفوقية) فلا بأس بترتيب الآثار بمجرّد استصحاب ذات الشخص المتصف بصفة الزوجية أو الملك مثلاً ؛ وذلك لأنّ هذا العنوان ليس له ما بإزاء في الخارج حقيقة عدا نفس هذا الشيء الذي قد ثبت بالاستصحاب.

وأورد على ذلك السيّد الاُستاذ بأنّ هذا العنوان الخارج المحمول يكون على أيّ حال واسطة بين المستصحب والأثر المطلوب، فيكون الاستصحاب من الاستصحاب المثبت، ولا يجري.

أقول: الظاهر من عبارة المحقّق الخراساني (رحمه الله) في الكفاية والصريح في تعليقته على الرسائل(1) هو أنّه يقصد الاستظهار من دليل تلك الآثار كونها ـ في الحقيقة ـ مترتّبة على ذات الشيء المستصحب، فأحكام الزوجية مثلاً مترتّبة على ذات الشخص بشرط كونه قد عقَد على إمرأة لا على هذا العنوان الاعتباري، وهو الزوجية ؛ وذلك بنكتة أنّ هذا العنوان ليس له ما بإزاء في الخارج زائد على ذات الشيء، فإمّا ببرهان عقلي أو بالارتكاز العرفي يكون غير قابل لكونه دخيلاً في الحكم.

إذن فينبغي النقاش مع صاحب الكفاية في هذه النكتة، وهي أنّه هل هذا العنوان الانتزاعي دخيل في الحكم، أو لا؟

فنقول: يمكن أن يتصوّر عدم دخله في الحكم بأحد تقريبين:

الأوّل: القطع الخارجي بعدم دخل مثل هذا العنوان في الحكم، لأنّه ليس إلاّ مجرّد اعتبار وافتراض وخيال، ولا معنى لفرض دخله في الحكم.

وفيه: أنّ الفرض والاعتبار إن كان عبارة عن خيال يتخيّله الإنسان ويفترضه متى ما اراد، وبإمكانه أن يفترض عكسه، وذلك كأن يفترض أنّ هذه الغرفة فوق المريخ، فالاعتبار بهذا المعنى ليس دخيلاً في الحكم الشرعي قطعاً. وأمّا إذا كان الاعتبار عبارة عن ذاك الاعتبار الذي يكون مفروضاً على العقل البشري، ولا يمكن للعقل البشري أن يتخلّى عنه، وذلك من قبيل اعتبار أنّ هذا فوق ذاك، وهذا هو القسم المبحوث عنه هنا، فالقطع بعدم دخله في الحكم ممنوع جدّاً، خصوصاً بناءً على مبنانا من أنّ هذه الاُمور لها واقع موضوعي خارج حدود الذهن، وإلاّ فلماذا يكون العقل البشري مضطراً إلى الخضوع لهذه


(1) ص214 ـ 514، بحسب طبعة منشورات مكتبة بصيرتي.