المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

470

للسان الدليل. نعم، صدور الوقف شرط في هذه الملكية، والمفروض القطع بصدوره.

والوجه في ما قلنا من أنّ الموضوع بحسب الدليل هو نفس حياة الشخص لا عنوان كونه موقوفاً عليه ـ الذي فرض كونه عنواناً يمتدّ بامتداد حياته، وينتهي بانتهائهاـ هو أنّ دليل صحّة الوقف وترتّب الملكية قد دلّ على ذلك بلسان إمضاء الشارع لتمليك الواقف، ومن المعلوم أنّ موضوع تمليك الواقف هو نفس الشخص، لا عنوان كونه موقوفاً عليه ومملّكاً، فإنّ هذا العنوان في طول الوقف.

ثمّ لو تنزّلنا وفرضنا أن الملكية الشرعية تترتّب على عنوان الموقوف عليه الذي جعله الواقف لمّدة حياة هذا الشخص لا أكثر، قلنا: إنّه بالإمكان إجراء الاستصحاب في نفس عنوان كونه موقوفاً عليه ومملّكاً من قبل الواقف بناءً على ما اخترناه في باب استصحاب الأحكام من أنّ نفس الجعل يلحظ له حدوث وبقاء، وبالنظر إليه بالحمل الأؤّلي، وليس المجعول إلاّ هو هذا الجعل بهذا النظر. وأمّا بناءً على ما يقال من أنّ الجعل ليس له حدوث وبقاء، وإنّما يستصحب المجعول، فلا يجري هنا استصحاب كونه موقوفاً عليه ومملَّكاً من قبل الواقف؛ إذ جعل الواقف ليس له حدوث وبقاء، ومجعوله ليس موضوعاً للملكية الشرعية، وإنّما موضوعه جعل الواقف(1).

ومنها: النذر، فلو نذر التصدّق ما دام ابنه حيّاً فوجب التصدق يترتّب على حياة ابنه بواسطة كونه منذوراً، فأيضاً لا يجري الاستصحاب بحسب مذاق الآخوند إلاّ باعتبار مانقَّحه من عدم الاعتداد بمثل هذه العناوين الاعتبارية.

أقول: قد اتّضح حال ذلك ممّا سبق، وهو أنّه إن جعلنا النذر حيثية تعليليّة فلا موضوع لهذا الكلام ؛ فإنّ موضوع الحكم هو نفس حياة الولد الثابتة بالاستصحاب، وأصل النذر الذي هو شرط في الحكم مقطوع الحصول وإن جعلناه حيثية تقييدية (كما هو الظاهر من دليل وجوب الوفاء بالنذر، خلافاً لما استظهرناه في المثال السابق بالنسبة للوقف، فإنّ دليل (فِ بنذرك) يكون ـ لا محالة ـ ظاهراً في كون الموضوع هو النذر، وليس من قبيل دليل إمضاء الوقف الظاهر في كون موضوعه نفس موضوع الوقف ) فعنئذ نجري استصحاب نفس الجعل النذري الصادر من قبل الناذر، بناءً على مبنانا من تصوّر الحدوث والبقاء العرفي في نفس الجعل.

 


(1) وبما أنّنا شاكّون في مشمولية الزمان المتأخر لجعل الواقف فاستصحاب الحياة مبتلىً بإشكال المثبتية.