المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

471

 

 

 

الاستصحاب في متعلقات الاحكام

 

التنبيه التاسع من تنبيهات الاستصحاب: قد يذكر هنا إشكال في استصحاب متعلّقات الأحكام كالطهارة، واستقبال القبلة، وستر العورة في الصلاة، ونحو ذلك، وذلك بأن يقال مثلاً: إنّ الاستصحاب يجب أن ينتهي إلى أثر شرعي إمّا بأن يكون المستصحب بنفسه حكماً شرعياً، أو بأن يكون موضوعاً لحكم شرعي حتّى يكون أمر وضع ذلك الأثر ورفعه بيد الشارع، فيعقل التعبّد به، وأمّا المتعلق فلا معنى لجريان الاستصحاب فيه؛ إذ ليس هو حكماً شرعياً، ولا يترتّب عليه حكم شرعي ؛ إذ الأحكام تترتّب على موضوعاتها لا على متعلّقاتها.

وقد أدرج المحقّق الخراساني (رحمه الله) الإشكال في ذلك في إشكال الاستصحاب المثبت(1)، في حين أنّه غير مرتبط بذلك، وإنّما الإشكال هو عبارة عن عدم الانتهاء إلى أثر شرعي، لا عن كون الانتهاء إليه بواسطة أمر عقلي مثلاً، وهذا لا يرتبط ببحث الاستصحاب المثبت ؛ ولهذا جعلناه تنبيهاً مستقلاً.

وعلى أيّ حال، فهذا الإشكال يأتي في استصحاب كلّ ما هو متعلّق للتكليف، بأن يكون جزءً أو شرطاً، وفي قيود تلك الشرائط أو القيود، من قبيل طهارة الماء الذي يتوضأ به، فأيضاً يقال: إن هذه الطهارة ليست حكماً ولا موضوعاً لحكم، وإنّما هي قيد لأحد قيود متعلّق التكليف، فكيف يستصحب وجوداً أو عدماً؟

وهنا ثلاثة أجوبة عن هذا الإشكال حسب اختلاف المذاقات:

الجواب الأوّل: ما ذكره المحقّق الخراساني (رحمه الله) من أنّ الإشكال نشأ من قصر النظر على الأحكام التكليفيّة، ومع النظر إلى الأحكام الوضعية يرتفع الإشكال، فإنّ استقبال القبلة مثلاً وإن لم يكن حكماً ولا موضوعاً لحكم تكليفي لكنّه موضوع لحكم وضعي، وهو الشرطية، ولا يضرّ كون الشرطية أمراً ينتزعه العقل وليس مجعولاً بالأصالة، فانّه يكفي


(1) راجع الكفاية: ج2، ص330 بحسب الطبعة المشتملة على تعليقة المشكيني في الحواشي.