المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

472

كونها منتزعة من الحكم الشرعي وكون منشأ انتزاعها مجعولاً، فيكون أمر وضعهاورفعها بيد الشارع(1).

وأورد عليه السيّد الاُستاذ بأنّ الاستقبال مثلاً ليس موضوعاً للشرطية أيضاً من قبيل موضوعية سائر الموضوعات لأحكامها، بمعنى ترتّب تلك الأحكام عليها، وكونها بوجودها الخارجي دخيلة في فعلية تلك الأحكام، فإنّ الاستقبال لا تترتّب عليه الشرطية، ولا تصبح الشرطية موجودة بوجود الاستقبال خارجاً، وإنّما الشرطية موجودة سواء استقبل المصلّي القبلة خارجاً أو استدبرها، إذن فلا يترتّب على استصحاب الاستقبال حكم شرعي.

أقول: إنّ هذا الكلام في الحقيقة مناقشة في المثال وليس إبطالاً لأصل الفكرة في جواب المحقّق الخراساني (رحمه الله) وهي أنّه متى ما ترتّب حكم وضعي على متعلّق الحكم ارتفع الإشكال، فنحن لكي يتّضح عدم ورود إشكال السيد الاُستاذ على الفكرة نبدّل التعبير بالشرطية بالتعبير بالصحّة، فنقول: إنّ الصحّة حينما تضاف إلى هذا الفرد من الصلاة لا إلى طبيعي الصلاة المستقبلة للقبلة يكون وجودها مترتّباً على استقبال القبلة خارجاً، فهذا حكم وضعي مترتّب على هذا المستصحب.

والصحيح في مناقشة فكرة المحقّق الخراساني(رحمه الله) أن يقال: إنّ أصل الإشكال في غير استصحاب الحكم وموضوعه إن كان عبارة عن أنّ غير الحكم وموضوعه ليس أمراً وضعه ورفعه بيد الشارع فكيف يتعبّد به؟ كان جواب المحقّق الخراساني(رحمه الله)صحيحاً، لكن أصل الإشكال لا ينبغي أن يبيّن بهذا الترتيب ؛ فإنّ عدم كون الشيء بيد الشارع وضعاً ورفعاً لاينافي التعبّد به، فإنّه لا يقصد بالتعبّد به إثباته واقعاً، حتّى يكون عدم كونه بيده مانعاً عن ذلك، بل التعبّد به بمعنى اعتباره وهو سهل المؤونة لا يكون في نفسه أمراً مستحيلاً، فالإشكال إنّما هو عبارة عن مسألة اللغوية، وعدم تصوير النقض العملي حتّى يُنفى في المقام، وهذا الإشكال غير مرتفع بهذا الجواب، فإنّه إن اُريد بالاستصحاب مجرّد إثبات هذا الحكم الانتزاعي من الشرطية أو الصحة من دون إثبات منشأ انتزاعه، فهو لغو لا يترتّب عليه أثر عملي، وإن اُريد التعدّي عن ذلك إلى إثبات منشأ انتزاعه، أي: التعدّي من المعلول إلى العلّة، أعني تعلّق الأمر بما ينطبق على هذا الفرد المأتيّ به، كان هذا تعويلاً على الأصل المثبت.


(1) راجع الكفاية: ج2، ص330 بحسب الطبعة المشتملة على تعليقة المشكيني في الحواشي.