المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

475

 

 

 

استصحاب جزء الموضوع

 

التبيه العاشر: في تحقيق حال استصحاب جزء الموضوع. فإنّه يوجد في إجراء الاستصحاب في جزء من أجزاء موضوع الحكم إشكالان:

1 ـ أنّ جزء الموضوع ليس هو حكماً شرعياً، ولا يترتّب عليه حكم شرعي؛ إذ الحكم يترتّب على تمام الموضوع، فوجوب التقليد يترتّب على الفقاهة والعدالة مثلاً، لا على أحدهما، فكيف يستصحب أحدهما؟

وهذا الإشكال بعد التعميق قد يتحوّل إلى ما يستعصي على الحلّ، كما سيتضح ممّا يأتي.

2 ـ أنّه لو سلم جريان استصحاب جزء الموضوع في ذاته، أي: إنّنا أجبنا على الإشكال الأوّل، بقي إشكال آخر، وهو أنّ الموضوع هو المجموع المركّب من الجزئين، وهذان الجزءان وإن أثبتنا أحدهما بالوجدان والآخر بالتعبّد، لكن إثبات عنوان المجموع لكي يترتّب عليه الحكم تمسّكٌ بالأصل المثبت.

وفي الكفاية ذكر هذا الإشكال الثاني في بحث الاستصحاب المثبت(1)، ولم يذكر الإشكال الأوّل، ونحن بما أنّنا أردنا الجمع بين الإشكالين عقدنا تنبيهاً مستقلاً لذلك.

فنقول: أمّا الإشكال الأوّل، فقبل تحقيق الحال فيه نشير إلى أصل كيفيّة تصوير الاستصحاب في موضوعات الأحكام، فنقول: إنّ هنا اتّجاهين رئيسيين في تصوير استصحاب موضوع الحكم:

الأوّل: هو الاتّجاه السائد في علم الاُصول، وهو: أنّ استصحاب موضوع الحكم يعبّدنا بفعلية الحكم بلسان من الألسنة التي تذكر في المقام من جعل الطريقية، أو المنجّزية، والمعذّرية، أو الحكم المماثل، أو غير ذلك.

والثاني: الاتّجاه الصحيح، وهو: أنّ استصحاب الموضوع يعبّدنا بنفس الموضوع، ويكون التعبّد بالموضوع الذي هو صغرى منضماً إلى علمنا بالكبرى، وهو الجعل كافياً في


(1) راجع الكفاية ج2 بحسب الطبعة المشتملة في حواشيها على تعليق الشيخ المشكيني ص335 و337.