المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

476

التنجيز العقلي، ولا يوجد عندنا مجعول وفعلية للحكم وراء الجعل نتعبّد به باستصحاب الموضوع مثلاً.

إذا عرفت ذلك قلنا: إنّه بناءً على الاتّجاه الثاني الذي أوضحناه فيما مضى لا موضوع لهذا الإشكال الأوّل في المقام أساساً ؛ إذ ليس المقصود باستصحاب جزء الموضوع إثبات حكم حتّى يقال: إنّ جزء الموضوع لا حكم له، وإنّما المقصود به إثبات هذا الجزء من الموضوع، لكي ينضمّ إلى الجزء الثاني المعلوم بالوجدان، وإلى الجعل الشرعي للحكم المعلوم بالوجدان أيضاً، لكي يترتّب على ذلك كلّه التنجيز العقلي.

وإنّما الإشكال يكون على الاتّجاه الأوّل الذي هو عبارة عن أنّ استصحاب الموضوع يكون مفاده التعبّد بالحكم، فعندئذ يتوجّه السؤال عن أنّ استصحاب جزء الموضوع يُثبت أيّ حكم من الأحكام؟

وهذا السؤال يمكن أن يقدّم عليه أحد أجوبة ثلاثة، وبإبطالها جميعاً يتحوّل السؤال الى مشكلة قد تستعصي على الحلّ:

الجواب الأوّل، أن يقال: إنّ استصحاب جزء الموضوع يُثبتُ نفس الحكم الثابت شرعاً لذاك الموضوع.

وهذا الجواب بهذا المقدار يكون عدم الاقتناع به واضحاً ؛ إذ ذلك الحكم حكم لتمام الموضوع لا لجزئه، فما معنى كون استصحاب جزئه تعبّداً بهذا الحكم؟ وقد يُتمّم هذا الوجه بماقد يقال في بحث الترتّب، من أنّ الحكم الموقوف على شرائط عديدة يخرج عن كونه موقوفاً على بعض تلك الشرائط حينما يتحقّق ذلك الشرط خارجاً، وإنّما يبقى موقوفاً على باقي الشرائط التي لم تحصل بعدُ، فبما أنّ أحد جزئي الموضوع في المقام حاصل بالوجدان يكون الحكم موقوفاً على الجزء الآخر، فيثبت باستصحاب ذلك الجزء.

وجوابه ما نقحّوه في بحث الترتّب من أنّ هذا الكلام خلط بين التوقّف بمعنى ثبوت الحالة الانتظارية والتوقف بمعنى الشرطية والموضوعية، فالمشروط بتحقّق شرطه لا يخرج عن كونه مشروطاً. نعم، يخرج عن كوننا بلحاظه في حالة الانتظار بالنسبة لهذا الشرط.

الجواب الثاني، أن يقال: إنّ استصحاب جزء الموضوع يُثبت من الحكم المقدار المرتبط به.

وهذا خلط بين موضوعات التكليف ومتعلّقاته، ففي المتعلّق يمكن أن يقال: إنّ كلّ حصّة منه تنال حصّة من الحكم، فالحمد له حصّة من الوجوب، والسورة لها حصّة اُخرى، وهكذا، لكن هذا الكلام بالنسبة لأجزاء الموضوع غير معقول، فليست مثلاً الفقاهة تنال