المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

477

حصّة من وجوب التقليد، والعدالة تنال حصّة اخرى.

الجواب الثالث، وهو أحسن الأجوبة أن يقال: إنّ الإجتهاد وإن كان جزءاً لموضوع الحكم بوجوب التقليد منجّزاً مثلاً، لكن هنا حكم آخر تكون الفقاهة تمام موضوعه، وهو الحكم بوجوب التقليد المشروط بالعدالة.

وهذا الجواب ـ أيضاً ـ غير صحيح ؛ إذ الشارع جعل وجوب التقليد على مجموع الجزئين، ولم يجعل الوجوب المشروط بأحد الجزئين على الجزء الآخر، على أنّ هذا الكلام غير معقول بالنسبة لمدرسة المحقّق النائيني (رحمه الله) ؛ إذ هي في بحث الاستصحاب التعليقي أنكرت استصحاب هذه القضيّة الشرطية بحجّة أنّها انتزاعية، وليست شرعية، فليس لها أن تلتزم هنا باستصحاب موضوع تلك القضية الشرطية لإثباتها.

فتحصّل: إنّ هذا الإشكال مستعص على الحلّ بناءً على الاتّجاه الأوّل، وهذا بنفسه برهان نقضي على صحّة الاتجاه الثاني؛ إذ القائل بالاتّجاه الأوّل يضطرّ إمّا إلى أن يجنح إلى أحد هذه الأجوبة الباطلة، أو إلى إنكار جريان الاستصحاب في جزء الموضوع، وهو لا يلتزم بذلك.

ويمكن أن يقال بناءً على ما اخترناه في بحث الاستصحاب التعليقي ـ خلافاً لمدرسة المحقق النائيني(رحمه الله) ـ من أنّه يجري الاستصحاب إذا كانت نفس القضية الشرطية مجعولة على الموضوع: إنّه هنا ـ أيضاً ـ في هذا الفرض يتمّ الجواب الثالث، ويجري الاستصحاب ؛ فإنّه من الممكن أن يجعل الشارع الاجتهاد مثلاً تمام الموضوع لقضية شرطية، وهي وجوب التقليد إن كان عادلاً، فإذا جعل هكذا فلا مانع من إجراء استصحاب الاجتهاد لتثبت هذه القضية الشرعية.

إلاّ أنّ هذا الكلام ـ أيضاً ـ غير صحيح ؛ وذلك لإنّنا وإن اخترنا في بحث الاستصحاب التعليقي جريان استصحاب تلك القضية الشرطية، لكن قد مضى هناك إشكال على هذا الاستصحاب، وهو أنّ التنجيز إنّما يترتّب على هذه القضية الشرطية إذا صارت فعليّة بفعليّة الشرط، وصيرورتها فعليّة بفعليّة الشرط إنّما هي أمر عقلي، فالتعويل على هذا الاستصحاب تعويل على الاستصحاب المثبت وأجبنا هناك عن هذا الإشكال بأنّنا لا نؤمن بفعلية في مقابل الجعل، وإنّما نقول: إنّ نفس إحراز الجعل وإحراز الموضوع كاف في التنجيز العقلي.

وهذا الجواب ـ كما ترى ـ هو اختيار للاتّجاه الثاني، ولو اخترنا الاتّجاه الثاني لم يبقَ