المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

478

موضوع للإشكال في المقام، ونحن إنّما كنّا بصدد إيراد الإشكال على الاتّجاه الأوّل. نعم، مضى هناك جواب آخر عن إشكال المثبتية، وهو فرض الالتزام بجعل الحكم المماثل، لكن مضى ـ أيضاً ـ أنّه يبقى عندئذ إشكال إثباتي في شمول إطلاق دليل الاستصحاب للمقام، فراجع.

وأمّا الإشكال الثاني، وهو أنّ الأثر مترتّب على عنوان المجموع، وهذا لا يثبت باستصحاب الجزء.

فقد ذكر المحقّق النائيني (رحمه الله) في ذلك ضابطاً، وهو أنّه متى ما كان الجزءآن عبارة عن العرض ومحلّه، أو عدم العرض ومحله، فالموضوع يكون ـ في الحقيقة ـ تقييدياً، فانّ هذا العرض أو عدمه وإن كان فلسفياً يمكن أن ينظر إليه بما هو ومستقلاًّ، ويمكن أن ينظر إليه باعتباره وصفاً للمحل ؛ ولذا لو كان هو تمام الموضوع لأمكن أن يكون تمام الموضوع ملحوظاً في ذاته وبما هو، وأمكن أن يكون تمام الموضوع بما هو وصف للمحل، لكن إذا كان جزء الموضوع وجزءه الآخر محلّه فهناك برهان عقلي على أنّه لا بدّ أن يكون جزء الموضوع بما هو وصف، لا بما هو هو.

وقبل أن نذكر باقي كلام المحقّق النائيني (رحمه الله) في هذا الضابط نقول: إنّ هذا البرهان مضى ذكره في بحث استصحاب العدم الأزلي مع جوابه، ولا نتعرّض له هنا، ونقول هنا إجمالاً: إنّ المختار هو إمكان كونه في هذا الحال جزء الموضوع بما هو هو، لا بما هو وصف.

هذا بحسب عالم الثبوت. وأمّا بحسب عالم الإثبات فمقتضى الأصل الأوّلي ـ لولا قرينة على الخلاف ـ هو عدم القيديّة ولحاظه بما هو وصف، لأنّ لحاظ قيد الوصفية يحتاج إلى مؤونة زائدة. نعم، بالإمكان فرض القرينة على ذلك.

وأمّا إذا لم يكن الجزءآن عبارة عن العرض ومحلّه، أو عدم العرض ومحلّه سواءً كانا عبارة عن عرضين لمحلّ واحد، أو لمحلّين، أو عبارة عن جوهرين، أو غير ذلك، فيقول المحقّق النائيني (رحمه الله): إنّه بحسب مقام الثبوت يمكن أن يرجع هذا إلى التركيب، بأن يكون الموضوع مركّباً من جزءين، فيثبت الموضوع ـ لا محالة ـ حينما يثبت أحدهما بالوجدان والآخر بالتعبّد، ويمكن أن يرجع إلى التقييد بأن يربط أحدهما بالآخر بأخذ قيد الاجتماع، أو التقارن، أو التقدّم، أو التأخّر ونحو ذلك في الموضوع، إلاّ أنّ الظاهر بحسب مقام الإثبات هو الأوّل ما لم تقم قرينة على الخلاف؛ وذلك لأنّ هذين الجزءين ليس أحدهما وصفاً للآخر، فبطبعهما الأوّلي لم يؤخذ ربط بينهما، وإنّما أخذُ الربط بينهما يكون بإدخال عنصر ثالث، وهو