المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

479

عنوان الاجتماع، أو التقدّم، أو التأخّر ونحو ذلك، فيتّصف أحدهما بأنّه مجتمع مع الآخر، أو مقدّم عليه، أو مؤخّر عنه، وإدخال العنصر الثالث طبعاً مؤونة زائدة يحتاج إلى قرينة.

أقول: إنّ كلام المحقّق النائيني (رحمه الله) في ما إذا لم يكن الجزءآن عبارة عن العرض ومحلّه، أو عدم العرض ومحلّه وإن كان صحيحاً، فثبوتاً يمكن التركيب كما يمكن التقييد، وإثباتاً يحتاج التقييد إلى القرينة كما قلنا في العرض ومحلّه: إنّه يحتاج التقييد إلى القرينة، بل احتياج ذلك هنا إلى القرينة أوضح ؛ إذ التقييد هنا بحاجة إلى إدخال عنصر ثالث كالتقارن، أو التقدّم، أو التأخّر.

إلاّ أنّه يبقى هنا شيء لم يتعرّضوا له، وهو أنّه وإن كان التقييد في العرضين لمحلّ واحد بحاجة الى القرينة لكن في أكثر الموارد يمكن أن يقال: إنّه توجد القرينة العامّة على التقييد، في حين انّ الاستصحاب يجريه الأصحاب فيها، فلكي نستطيع حلّ إشكال مثبتية الاستصحاب لا بدّ من الفحص عمّا يبطل تلك القرينة ولو بأن توجد قرينة اُخرى تنقض أثر تلك القرينة العامّة الاُولى.

فأوّلاً نتكلّم عمّا قد يدّعى من القرينة على التقييد، ثمّ نتكلّم عن أنّه هل يمكن حلّها ولو بإبداء قرينة ثانوية تقلب الظهور، أو لا.

فنقول: إنّ هناك ثلاثة موارد يمكن دعوى وجود القرينة على التقييد فيها.

المورد الأوّل: ما إذا كانا العرضان أُخِذا في لسان الدليل طوليين، فإنّهما قد يؤخذان عرضيين كما لو قال: (يجب إطاعة الإنسان الفقيه العادل) فالفقاهة والعدالة أخذتا عرضيتين، وقد يؤخذان طوليين كما لو قال: (الغَسل بالماء الطاهر مطهِّر) فالطهارة قد اُخذت في موضوع الغَسل. وهذا يستوجب التقييد لا بمعنى أنّ الغَسل عَرَضَ على الطهارة حتّى يقال: إنّ هذا لا يعقل إلاّ بمعنى عروض عنصر ثالث على الطهارة من التقارن مثلاً، حتّى يقال: إنّه مؤونة زائدة يحتاج إلى قرينة غير موجودة، بل بمعنى أنّ الغسل عرض على الماء، لكن في طول الطهارة، أي: عَرَضَ على الماء الطاهر بما هو طاهر، وعندئذ فاستصحاب الطهارة في الماء لا يثبت عنوان الغسل بالماء الطاهر إلاّ بالملازمة العقلية، من باب أنّه حصل الغَسل بالماء وجداناً، والماء طاهر تعبّداً، فقد أصبح الماء الحدّ الأوسط، والنتيجة: أنّه حصل الغسل بالماء الطاهر.

وقلّ ما يوجد مورد يسلم عن هذا الإشكال، فمثلاً لو قال المولى: (أكرم العادل) فاستصحاب عدالة شخص لا يثبت أنّ إكرامه إكرام للعادل حتّى يثبت وجوبه، وكذلك لو