المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

480

قال: (يجب إطاعة الإنسان الفقيه العادل) فاستصحاب الفقاهة أو العدالة لا يثبت أنّ إطاعته إطاعة للفقيه العادل، وهكذا.

المورد الثاني: شرائط الأعمال، من قبيل الطهارة التي هي شرط الصلاة مثلاً، فبناءً على ما يقال من أنّ الشرط ما كان تقيّده جزءً ونفس القيد خارجاً، نقول كيف يمكن استصحاب الطهارة لتصحّح الصلاة في حين أنّ استصحابها لا يثبت حصول تقيّد الصلاة بهاوارتباطها الخاصّ بها إلاّ بالملازمة العقلية؟!

ومن هنا يبدو أنّ الإشكال في المقام ليس عبارة عن مجرّد الإشكال على علماء الاُصول بعنوان أنّكم لماذا تجرون الاستصحاب في أمثال هذه الموارد، بل ينقدح منه الإشكال على دليل الاستصحاب نفسه الوارد عن الإمام(عليه السلام) أعني صحيحة زرارة التي استصحبت فيها الطهارة، وعليه فنستكشف أنّه حتماً يوجد خطأ في إحدى مبانينا الاُصولية. فإمّا أنّ ما التزمناه من عدم حجّية الاستصحاب المثبت مثلاً غير صحيح، أو أنّ بعض الاستثناءآت من الأصل المثبت الذي لم نقبله يجب أن نتراجع عن رأينا فيه ونقبله بحكم الصحيحة بعد فرض دخول المقام تحت ذلك البعض، كعنوان خفاء الواسطة، أو جلاء الملازمة مثلاً.

المورد الثالث: أنّه لا أقلّ من العطف بالواو، فلو قال: (إن غسلت يدك بالماء وكان الماء طاهراً طهرت يدك) فالغسل وطهارة الماء وإن أُخذا في عرض واحد لكنّ الواو حرف يدلّ على نوع من التقيّد والارتباط لا محالة، وبالاستصحاب لا يثبت هذا التقيّد.

إذن، فلم يبقَ مورد يجري فيه الاستصحاب لإثبات أحد الجزئين، اللّهم إلاّ إذا كان أحد الجزئين ثابتةً جزئيّته بالتخصيص، كما لو ورد: (أكرم كلّ عالم) وورد: (لا تكرم العالم الفاسق) فعرفنا بذلك أنّ الموضوع مركّب من جزئين: العلم وعدم الفسق، من دون أن يؤخذ بينهما نوع من التقيّد والارتباط.

والجواب عن المورد الأوّل: أنّ العناوين التي تؤخذ في موضوع الحكم إذا كانت عناوين خارجية من قبيل عنوان الفقاهة والعدالة، أو عناوين لهاوجود تشريعي من قبيل الطهارة وغيرها من الأحكام الشرعية، أو كانت عنواناً انتزاعياً ينتزعه العقل، لا بمعنى كونه من الأوهام والخيالات، من قبيل فرض جبل من ذهب، بل له نوع وجود في خارج حدود الذهن، من قبيل عنوان الأوّل، أو القبلية أو البعدية ونحو ذلك، ففي كلّ هذا لا يُلغي العرف ذلك العنوان ؛ إذ يحتمل بما هو عرف دخل ذلك العنوان في الحكم حقيقة، فمثلاً إذا كان ظاهر الدليل أنّ موضوع الحكم هو الإنسان الفقيه لا يجعل العرف موضوع الحكم مطلق الإنسان،