المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

484

أبحاث بعضها يرتبط بمسألة الأصل المثبت وبعضها يرتبط باستصحاب العدم الأزلي، كما إذا كان الموضوع هو اتّصافه بالتقدّم بنحو مفاد كان التامّة، فجريان استصحاب عدم التقدّم موقوف على صحّة استصحاب العدم الأزلي، فإنّ هذا كلّه خارج عن نكتة انعقاد هذا التنبيه، وهي أنّ الفرضيّة الإضافيّة التي هي العلم بالانتقاض هل تؤثّر في ما نقّحناه في التنبيه السابق من جريان الاستصحاب، فتوجب سقوط الاستصحاب، أو لا؟ على أنّه لو صار القرار على ذكر هذه الشقوق والافتراضات فبالإمكان ذكر افتراضات كثيرة على أنّ الموضوع إذا كان هو تقدّم أحد الحادثين على الآخر مثلاً فالموضوع إذن ليس مركّباً، وإنّما هو بسيط.

وعلى أيّة حال، فنحن نعقد لهذا البحث مقامين:

المقام الأوّل: في استصحاب عدم أحد الجزءين إلى زمان انتفاء الجزء الآخر.

والمقام الثاني: في استصحاب بقاء أحد الجزءين إلى زمان حدوث الجزء الآخر.

وهذا خلافاً لما صنعه الأصحاب من الاكتفاء بالبحث في مقام واحد عن كلا الاستصحابين، والسرّ فيما قلناه هو أنّه يوجد فارق جوهري بين الاستصحابين أغفله الأصحاب، كما سوف يظهر في المقام الأوّل فنقول:

 

استصحاب عدم أحد الجزءين إلى زمان انتفاء الآخر:

أمّا المقام الأوّل: فالصحيح أنّ استصحاب عدم أحد الجزءين إلى زمان انتفاء الجزء الآخر لنفي الحكم غير جار في نفسه بغضّ النظر عن إشكالات عدم إحراز اتّصال زمان اليقين بالشكّ التي لو تمّت كانت مشتركة بين الاستصحابين، والتي سوف نذكرها في المقام الثاني ؛ والسرّ في ذلك هو وجود فارق جوهري بين استصحاب عدم الجزء إلى زمان انتفاء الجزء الآخر واستصحاب وجود الجزء إلى زمان حدوث الجزء الآخر، فاستصحاب وجود الجزء إلى زمان حدوث الجزء الآخر يثبت ـ لا محالة ـ تحقّق الموضوع، ويترتّب عليه الحكم، لكن استصحاب عدم الجزء إلى زمان انتفاء الجزء الآخر لا ينفي الموضوع حتّى ينتفي الحكم؛ وذلك لأنّ الموضوع له فردان: أحدهما: هو الموت مع الكفر في الزمان الأوّل، أعني زمان تحقّق الكفر، والثاني: هو الموت مع الكفر في الزمان الثاني، أعني زمان انتفاء الكفر، والفرد الثاني مقطوع العدم ؛ لأنّ المفروض انتفاء الكفر، والفرد الأوّل منفيّ باستصحاب عدم الموت، ولازم ذلك هو انتفاء الموضوع الذي هو الجامع بين الفردين. وإثبات هذا اللازم بهذا