المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

486

هذا الاستصحاب هنا لا يعارض باستصحاب بقاء الجزء الآخر إلى حين حدوث الجزء الأوّل ؛ إذ المفروض أنّ الشكّ في كلا الجزءين في العدم لا في البقاء، ويكون جريان الاستصحاب ونفي الحكم به وعدمه هنا من ثمرات هذا البحث، وهو أنّه هل يمكن نفي الموضوع باستصحاب عدم أحد جزءيه إلى زمان انتفاء الجزء الآخر مع العلم بانتقاضه أخيراً، أو لا؟ فبناء على المختار لا يجري الاستصحاب في المقام.

المورد الثاني: هو المورد الذي كنّا نتكلّم فيه من فرض كون أحد الجزءين مسبوقاً بالعدم، والآخر مسبوقاً بالوجود، وقد انتقضا، فكان عندنا استصحابان: أحدهما: استصحاب عدم أحد الجزءين إلى زمان انتفاء الجزء الآخر، لينفى به الحكم. والآخر: استصحاب بقاء أحد الجزءين إلى زمان حدوث الجزء الآخر ليثبت به الحكم، مثاله: ما مضى من أنّ موت الأب وكفر الابن موضوع ـ حسب الفرض ـ لانتقال تمام المال إلى باقي الورثة، فعندئذ إن لم نقبل ما مضى من الفارق الجوهري بين الاستصحابين يقع دائماً التعارض بينهما، ففي هذا المثال يجري من ناحية استصحاب عدم الموت إلى حين انتفاء الكفر فينتفي به الحكم، ومن ناحية اُخرى يجري استصحاب بقاء الكفر إلى زمان حدوث الموت، فيثبت الحكم، فيتعارضان.

وأمّا بناءً على ما اخترناه من الفارق الجوهري فاستصحاب بقاء أحد الجزءين هو الجاري، ولا يعارضه استصحاب عدم الجزء الآخر، إلاّ إذا كان ذاك العدم بنفسه موضوعاً لحكم آخر يضادّ الحكم الأوّل، حتّى في مرحلة الحكم الظاهري، فيجري الاستصحابان ويتعارضان، مثاله: ما إذا دلّ دليل على أنّ موت الأب مع كفر الابن موضوع لانتقال تمام المال إلى باقي الورثة، ودلّ دليل آخر على أنّ حياة الأب مع إسلام الابن موضوع لإرثه بعد موت أبيه، فعندئذ يجري من ناحية استصحاب كفر الابن إلى حين موت الأب، ويثبت أنّ تمام المال للآخرين، ويجري من ناحية اُخرى استصحاب حياة الأب إلى حين إسلام الابن؛ لأنّ هذا الاستصحاب وإن كان بلحاظ الحكم الأوّل استصحاباً لعدم أحد الجزءين إلى زمان انتفاء الجزء الآخر، وهذا ما قلنا بعدم جريانه، لكنّه بلحاظ الحكم الثاني استصحاب لوجود أحد الجزءين إلى زمان تحقّق الجزء الآخر، وهذا لا إشكال فيه، فيجري ويثبت إرث الابن ويقع التعارض بين الاستصحابين.

(بقي شيء)، وهو أنّ ما ذكرناه من عدم جريان الاستصحاب في المقام لنفي أحد الجزءين وُجِدَ تطبيق له في كلام السيّد الاُستاذ في خصوص فرع واحد من فروع العروة، وهو مسألة