المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

489

الأمثلة إنّما تظهر إذا قلنا بعدم جريان الاستصحاب في المقام الأوّل كما قلنا بذلك، وإلاّفلا ثمرة بين أن يفرض جريانهما وسقوطهما بالتعارض أو عدم جريانهما.

وعلي أيّ حال فهناك وجوه في جريان هذا الاستصحاب في نفسه وعدمه، بغضّ النظر عن المعارض، فقد يقال بجريانه مطلقاً، وقد يقال بعدم جريانه مطلقاً.

والمحقّق الخراساني(رحمه الله) فصّل بين مجهولي التأريخ، فلا يجري الاستصحاب فيهما، وما إذا كان أحدهما معلوم التأريخ، فيجري الاستصحاب عندئذ في مجهول التأريخ دون معلومه، فلو علم بأنّ موت الأب كان عند الغروب ولم يعلم بتأريخ إسلام الابن جرى استصحاب عدم الإسلام دون استصحاب عدم الموت.

ونحن قبل بيان المختار نبيّن مقدّمة تكون هي المفتاح لحلّ المطلب في كلّ الشقوق المطروحة في المقام، وهي أنّك عرفت في التنبيه السابق أنّ الجزءين إذا كانا بنحو التقييد لم يجرِ الاستصحاب في نفسه إذن، فلا تصل النوبة إلى البحث الجديد في هذا التنبيه بنكتة إضافة عنصر جديد، وهو عنصر العلم بالانتقاض، فلو كان الموضوع مثلاً هو كفر الابن في زمان مقيّد بموت الأب كان الاستصحاب غير جار في نفسه بغضّ النظر عن هذا العنصر الجديد، فمحلّ البحث ينحصر فيما إذا كانا بنحو التركيب، بأن كان الموضوع كفر الابن في زمان وموت الأب في ذلك الزمان بأن اُخذ كلاهما في عرض واحد مضافين إلى زمان واحد، وبهذا يتّضح أنّنا حينما نستصحب مثلاً كفر الابن إلى زمان موت الأب يجب أن ننظر إلى عنوان (زمان موت الأب) بنظرة مشيرة إلى واقع ذلك الزمان، لا بنظرة الموضوعيّة ؛ إذ لو كان هذا العنوان دخيلاً في الحكم لرجع إلى التقييد، ولو لم يكن دخيلاً في الحكم لما صحّ لحاظه بنظرة الموضوعيّة.

إذا عرفت ذلك اتّضح من هذا:

أوّلاً: أنّ الاستصحاب في معلوم التأريخ لا يجري بالنسبة لزمان مجهول التأريخ؛ إذ لو لوحظ عنوان زمان مجهول التأريخ بنظرة الموضوعيّة لم يصحّ ذلك ؛ لأنّ المفروض عدم دخل هذا العنوان، وإلاّ لرجع إلى التقييد، ولم يجرِ الاستصحاب في نفسه، ولو لوحظ طريقاً إلى واقع ذلك الزمان، فلا شكّ في معلوم التأريخ بلحاظ واقع الزمان، وقد يكون واقع زمان مجهول التأريخ هو الزمان الذي نعلم فيه بانتقاض المستصحب، فيكون من نقض اليقين باليقين.