المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

492

الاعتيادي أحدهما بالآخر، وإنّما الشكّ يكون بلحاظ المتيقّن بالعرض والمشكوك بالعرض، فلا ندري أنّ ذا الصورة لأبي فلان الذي علمنا بموته هو نفس ذي الصورة لابن فلان الذي شككنا في موته، أو لا، أي: لا ندري أنّ المتيقّن بالعرض هو نفس المشكوك بالعرض، أو لا.

وما نحن فيه من هذا القبيل، فإذا كان مثلاً موت الأب هو الأضيق في احتمالات زمان الحدوث من إسلام الابن، وكنّا نحتمل تأخّر إسلام الابن إلى الساعة الثالثة، بينما لا نحتمل ذلك في موت الأب، فاستصحاب عدم الإسلام لا مانع منه. وأمّا استصحاب عدم الموت فلا يجري؛ لأنّ القطعة الخاصّة من الزمان وهي الساعة الثالثة، وكذا الثانية بعنوانها الأوّلي نقطع بعدم حياة الأب فيها، وعنوان زمان إسلام الابن الذي هو عنوان ثانوي لقطعة معيّنة عند الله من الزمان نشكّ في حياة الأب فيه وعدمه، وعندئذ لو كان موضوع الأثر هو هذا العنوان الثانوي، إذن فالاستصحاب لا يجري أساساً ؛ لكون الموضوع تقييديّاً لا تركيبيّاً، ولو كان موضوع الأثر هو القطعة المعيّنة عند الله من الزمان بعنوانها الأوّلي فنحن نحتمل أنّ تلك القطعة التي نشير إليها بعنوان ثانوي وهو عنوان زمان إسلام الابن هي بعينها القطعة التي يكون عنوانها الأوّلي الساعة الثالثة، أو الثانية، أي: نحتمل أنّ المعلوم بالعرض للمتيّقن نفس المشكوك بالعرض لغير المتيّقن، فيكون شيء واحد بعنوانه الأوّلي معلوماً انتقاض الحياة فيه، وبعنوانه الثانوي مشكوكاً، والمفروض أنّ موضوع الأثر هو العنوان الأوّلي، فلا يجري الاستصحاب لأنّه تمسّك بالعامّ في الشبهة المصداقيّة.

ثمّ إنّ النتائج التي توصّلنا إليها قريبة جداً من النتائج التي سجّلها المحقّق الخراساني(رحمه الله)في المقام، حيث ذكر: أنّ الاستصحاب في مجهولي التأريخ لا يجري. وأمّا إذا كان أحدهما مجهول التأريخ والآخر معلوم التأريخ فيجري في مجهول التأريخ، ولا يجري في معلومه، إلاّ أنّه ذكر في وجه ذلك: أنّه في مجهولي التأريخ يحتمل انفصال زمان الشكّ عن زمان اليقين، وفي ما إذا كان أحدهما معلوم التأريخ والآخر مجهول التأريخ ففي مجهول التأريخ لا يحتمل انفصال زمان الشكّ عن زمان اليقين، فيجري فيه الاستصحاب، وفي معلوم التأريخ لا يوجد شكّ، فلا يجري الاستصحاب.

وهذا الكلام منه (رحمه الله) بغضّ النظر عن احتمال رجوعه إلى ما نحن ذكرناه (مع سوء التعبير، حيث توجد في عبارته عدّة قرائن تدلّ على عدم إرادة ما ذكرناه) لا يمكننا تفسيره بنحو ينسجم مع ظواهر عبارته، ويعطي وجهاً معقولاً مناسباً لشأن المحقّق الخراساني(رحمه الله)للتفصيل بين ما إذا كانا مجهولي التأريخ، وما إذا كان أحدهما مجهول التأريخ والآخر معلومه، والذي