المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

495

حمل كلامه على مختارنا من البيان.

ثمّ إنّ السيّد الاُستاذ أورد على المحقّق الخراساني (رحمه الله) في المقام إيرادين:

الأوّل: ما مضى، وجعلناه إشكالاً على مختارنا مع جوابه، وهو أنّ الشكّ في انتقاض اليقين باليقين وعدمه غير معقول ؛ لأنّ اليقين والشكّ من الوجدانيّات النفسيّة.

وهذا الكلام لا يصحّ جعله إيراداً على ما اخترناه، ولا جعله إيراداً على المحقّق الخراساني(رحمه الله).

أمّا الأوّل، فلما مضى من أنّه لنفرض عدم الاشتباه بلحاظ المعلوم بالذات والمشكوك بالذات، لكنّ المدّعى هو الاشتباه بلحاظ المعلوم بالعرض والمشكوك بالعرض.

وأمّا الثاني؛ فلأنّ المفروض عند من يجعل العلم الإجمالي متعلّقاً بالواقع هو إمكان اجتماعه مع الشكّ على مصبّ واحد، وإلاّ لانقلب إلى العلم التفصيلي.

والثاني: أنّ المحقّق الخراساني (رحمه الله) في الحقيقة أضاف شرطاً جديداً على شرائط الاستصحاب من اليقين والشكّ، وهو اتّصال زمان الشكّ بزمان اليقين باعتبار أنّ الفاء في قوله: (من كان على يقين فشكّ) يفيد الترتيب بالاتّصال، في حين أنّه ليس الأمر كذلك، أي: لا يوجد لدينا شرط من هذا القبيل في الاستصحاب، بل قد يكون زمان الشكّ عين زمان اليقين بأن يحدثا في آن واحد.

أقول: إنّ المحقّق الخراساني (رحمه الله) لا يدّعي شرطاً جديداً في المقام، وهو شرط اتّصال زمان الشكّ بزمان اليقين، بل يقصد شرط اتّصال زمان المشكوك بزمان المتيقّن، كما هو صريح عبارته، حيث قال: (لاحتمال انفصاله عنه باتّصال حدوثه). نعم، هو عبّر عن زمان المشكوك بزمان الشكّ، وعن زمان المتيقّن بزمان اليقين، إلاّ أنّ التعبير عن زمان المشكوك والمتيقّن بزمان الشكّ واليقين تعبير عرفيّ، ولا ضير فيه.

 


هذا مفاد ما ورد عن اُستاذنا الشهيد (رحمه الله) في الحلقة الثالثة من حلقاته الاُصوليّة بفرق أنّ المثال الذي طبّق عليه البحث هو مثال العلم بحدوث الكرّيّة وملاقاة النجس لا العلم بموت الأب وإسلام الابن.

أقول: إنّه (رحمه الله) عبّر في إشكاله الأوّل المبيّن لكون الموضوع تركيبيّاً لا تقييديّاً بأنّه لو كان تقييديّاً (فقد يتبادر إلى الذهن أنّ الشكّ في العدم متقيّد بزمان الحادث الآخر، ويأتي احتمال انفصال زمان الشكّ عن زمان اليقين) وكأنّ هذا إشارة إلى إشكال ثالث في المقام، وهو أنّه حتّى مع فرض التقييد لا يتقيّد الشكّ بذلك ولا يأتي احتمال انفصال زمان الشكّ عن زمان اليقين؛ وذلك لأنّه يكفي في صدق زمان الشكّ على الزمان المتّصل باليقين احتمال ثبوت القيد في ذلك الزمان، ولا يشترط في ذلك الجزم بثبوته.