المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

50

تخبر عن اليقين الواقعي، أو لا؟ وعلى أيّ واحد من هذين التقديرين هل هذه الجملة هي الجزاء، أو الجزاء هو ما بعدها، أو هو محذوف؟ وهذه الفروض هل لها دخل في اقتناص المقصود وعدمه من هذه الصحيحية، أو لا؟ فالبحث يقع في نواحي ثلاث:

 

هل الجملة خبرية أو إنشائية؟

الناحية الاُولى: في أنّ هذه الجملة هل هي إخبار عن اليقين الواقعي، أو لا؟

لا شكّ في أنّ هذه الجملة ـ بحسب ظهورها الأوّلي ـ ظاهرة في الإخبار دون الإنشاء، كما اعترف بذلك المحقّق النائيني(رحمه الله) الذي حملها على الإنشاء(1).

نعم، هي قابلة للحمل على الإنشاء خلافاً لما ذكره السيّد الاُستاذ من أنّه لا يمكن حملها على الإنشاء؛ لأنّ الجملة الخبرية التي تأتي للإنشاء إنّما هي الجملة الفعلية مثل: (تسجد سجدتي السهو) أو (تصلّي)، بمعنى اسجد أو صلِّ، دون الجملة الاسمية من قبيل: (هو ساجد) أو (هو مصلٍّ)(2).

أقول: إنّ هذا الكلام إن تمّ فإنّما يتمّ في الإنشاء بمعنى الطلب، لا الإنشاء الذي يقصد به إيجاد المحمول من قبيل: (أنتِ طالق) ونحو ذلك ممّا هو جملة اسمية أفادت الإنشاء، فقد يكون ما نحن فيه من هذا القبيل، أي: يقصد بقوله: «فانه على يقين من وضوئه» ايجاد اليقين واعتباره تعبّداً(3).

نعم، هذا في نفسه خلاف الظاهر، كما لا شكّ ـ أيضاً ـ في أنّ حمل اليقين المخبر عن وجوده على اليقين التعبّدي خلاف الظاهر في نفسه، فالجملة ظاهرة في الإخبار عن اليقين الوجداني.

إلاّ أنّ هناك تقريباً لدعوى حملها على الإنشاء أو على تعبديّة اليقين، وهو: أنّ ما عرفته من الظهورين معارَضان بظهور آخر وهو ظهور هذه الجملة في كون اليقين ثابتاً بالفعل لا


(1) راجع فوائد الاُصول: ج 4، ص 336 ـ 337 بحسب طبعة جماعة المدرّسين بقم.

(2) راجع مصباح الاُصول: ج 3، ص 17.

(3) قد ورد في مصباح الاُصول الاعتراف بأنّ اختصاص الجملة الفعلية بصحّة استعمالها مكان الإنشاء دون الاسمية إنّما هو في الإنشاء الطلبي. أمّا إنشاء المحمول فتأتي فيه الجملة الاسمية كأنت طالق، ولكنّي لا أدري كيف وقعت الغفلة عن أنّ فرض الإنشاء في ما نحن فيه يمكن تصويره بإنشاء المحمول، فكون الجملة في المقام اسمية لا يرفع احتمال الإنشاء؟!