المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

502

الفجر، أو وقت الظهر، أو الساعة الفلانية مثلاً. فإن كانت النجاسة المعلومة واقعة في علم الله قبل الفجر كان الزمان المتعقّب لها وقت الفجر، وإن كانت واقعة بعد الفجر كان الزمان المتعقّب لها وقت الظهر مثلاً.

وعندئذ نقول: إنّه هل يراد استصحاب النجاسة المعلومة في الزمان المتعقّب لها وإلى زماننا هذا بهذا العنوان الإجمالي للزمان المتعقّب بما هو كذلك، أو يجعل هذا العنوان الإجمالي معرّفاً ومشيراً إلى العنوان التفصيلي وواقع ذاك الزمان؟ فان اُريد جعله معرّفاً ومشيراً الى العنوان التفصيلي فمن المحتمل انتقاض اليقين باليقين؛ إذ لو كان واقع ذاك الزمان هو وقت الفجر فنحن قد علمنا بطهارته في ذاك الزمان، وإن اُريد النظر إلى هذا العنوان الإجمالي بما هو قلنا: إنّ هذا العنوان ليس موضوعاً لأثر شرعيّ ؛ إذن فلا يجري الاستصحاب.

والجواب: أنّنا تارة ً نختار المشيرية، واُخرى نختار نفس العنوان الإجمالي بما هو، ونجيب عن الإشكال على كلا التقديرين.

أمّا على التقدير الأوّل وهو المشيرية، فنقول: إنّ الاستصحاب يجري، ولا يرد عليه إشكال احتمال انتقاض اليقين باليقين، فإنّه لا يكفي في انتقاض اليقين باليقين مجرّد تعلّق اليقين بنقيض المتيقّن السابق، وإنّما ينتقض اليقين باليقين إذا علمنا بتعلّق اليقين بنقيض المتيقن السابق، أو بتعبير آخر: إذا تعلّق اليقين الثاني بنفس العنوان الذي تعلّق به اليقين الأوّل، وإلاّ فاليقين لم ينتقض باليقين بالرغم من تناقض متعلقيهما، ألا ترى أنّ يقينين قد يجتمعان في آن واحد مع تناقض متعلقيهما باعتبار أنّ كلّ واحد منهما تعلّق بعنوان غير عنوان الآخر، فمثلاً يحصل له العلم بطهارة ثوبه حين الغروب، ويحصل له العلم بنجاسته حين نزول المطر، في حين أنّ واقع زمان نزول المطر كان نفس واقع زمان الغروب، لكنّه كان جاهلاً بذلك.

والحاصل: أنّ المتيّقن في المقام وهو النجاسة قد انتقض إذا كان قبل الفجر، ولم ينتقض إذا كان بعد الفجر، وهو لا يدري أنّه قبل الفجر أو بعده، إذن لا يدري أنّه انتقض أو لا، وهذا معناه أنّه لا يقين بالانتقاض، إذن فيقطع بعدم النقض باليقين، وهذا بخلاف الحال في البحث السابق ؛ إذ هناك كان انتقاض عدم الموت في الساعة الثالثة مثلاً يقينياً.

نعم، لو كان دليل الاستصحاب منحصراً في صحيحة عبدالله بن سنان التي لم يؤخذ في لسانها اليقين السابق، وإنّما اُخذ فيها نفس المتيّقن كان إجراء الاستصحاب مع لحاظ مشيرية العنوان ومعرّفيّته غير صحيح ؛ لاحتمال انتقاض المتيقّن، لكنّنا قد قبلنا كلتا