المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

503

الروايتين، أعني صحيحة زرارة التي اُخذ فيها اليقين، وصحيحة عبدالله بن سنان التي اُخذ فيها ذات المتيقّن، فننتفع بمكاسب كلتيهما.

وأمّا على التقدير الثاني فإشكال عدم الأثر غير وارد ؛ لأنّ الاستصحاب إنّما يحتاج إلى الأثر بلحاظ نقطة الانتهاء لا بلحاظ نقطة الابتداء، ولذا يجري استصحاب حياة زيد عشر سنين إذا ترتّب وجوب التصدّق على حياته في الآن الأخير من هذا الزمان الطويل ولو لم يترتّب على شيء من الآنات السابقة. وفي البحث السابق لم نقبل الاستصحاب لأنّ إشكال عدم الأثر كان بلحاظ نقطة الانتهاء ؛ اذ كنّا نقول: إنّ استصحاب عدم الموت إلى زمان الإسلام لا يجري ؛ لأنّ هذا العنوان لا أثر له. وأمّا في المقام فالعنوان الذي لا أثر له إنّما هو عنوان الزمان المتعقّب للنجاسة المعلومة، لا زمان ينتهي إليه الاستصحاب ويثبته.

وأمّا الجهة الثانية، وهي ما لو كان كلاهما مجهولي التأريخ، فالأمر هنا أوضح ؛ فإنّ أيّ واحدة من الطهارة والنجاسة المعلومة بالإجمال لا أعلم بنقيضها في وقت متأخّر عنها. نعم، بناءً على تقريب المحقّق الخراساني (رحمه الله) في البحث السابق في مقام بيان احتمال انفصال زمان الشكّ عن زمان اليقين من أنّ المعلوم بالإجمال يحتمل كونه بعد المتيّقن السابق تكون هنا ـ أيضاً ـ شبهة الانفصال ثابتة للعلم الإجمالي بنجاسة هذا الشيء. إمّا قبل زمان طهارته أو بعده، وكذا العكس، فعلى تقدير أن تكون الطهارة في الساعة الاُولى والنجاسة المعلومة بالإجمال في الساعة الثانية لا يجري استصحاب الطهارة ؛ للانتقاض، وكذا العكس. لكن هذا الكلام لم يكن صحيحاً لوجوه ذكرنا فيما سبق اثنين منها:

1 ـ إنّ العلم الإجمالي يقف على الجامع، ولا يسري إلى الواقع.

2 ـ وعلى تقدير السريان لا يكون منافياً للشكّ، وموضع الاستصحاب هو الشكّ، وهو حاصل.

وهنا نضيف وجهاً ثالثاً وهو ما عرفته في الجهة الاُولى من أنّ مجرّد تعلّق العلم بنقيض المعلوم السابق لا يكفي في الانتقاض اليقيني، أي: اليقين بالانتقاض ما لم أعلم بأنّ هذا العلم قد تعلّق بنقيض المعلوم السابق.

 

البحث بلحاظ الموانع الاُخرى

وأمّا المقام الثاني، فقد ذكر المحقّق العراقي (رحمه الله) في المقام موانع اُخرى عن الاستصحاب(1).


(1) راجع المقالات: ج2، ص169 ـ 170، ونهاية الأفكار: القسم الأوّل من الجزء الرابع، ص214 ـ 218.