المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

516

الحكم، أي: إنّ الحكم تعلّق بمتعلّق عامّ زماناً، واُخرى يكون فوق الحكم، أي: إنّه عرض على الحكم، وكان الحكم عامّاً ومستمراً.

ففي القسم الأوّل وهو ما إذا كان المتعلّق عامّاً يجوز التمسّك بالعامّ بعد انتهاء زمن التخصيص ؛ لما تقرّر في محلّه من حجّيّة العامّ في الباقي بعد التخصيص، والمولى قد حكم بحكم على عموم أفراد الإكرام الطولية مثلاً خرج ما خرج وبقي الباقي.

وأمّا في القسم الثاني وهو ما إذا كان العموم والاستمرار طارئاً على الحكم، فهنا لا يمكن التمسّك بالعامّ بعد انتهاء أمد التخصيص. والسرّ في ذلك هو أنّ ما يدلّ على العموم والاستمرار في الحقيقة هو غير ما يدلّ على الحكم، فإنّ العموم قد طرأ على الحكم، فهو في طول الحكم، والمدلولان الطوليّان يحتاجان إلى دالّين طوليين، ولا يمكن أن يثبتا بدالّ واحد. نعم، قد يكون الدال على الاستمرار هو نفس صون كلام الحكيم عن اللغوية لا شيئاً مستقلاً، وذلك كما يقال في دليل لزوم العقد: إنّه يدلّ على الاستمرار من باب لغوية الحكم باللزوم آناً مّا مثلاً.

وعلى أيّ حال فالحكم واستمراره مضمونان طوليان لدليلين، وعندئذ نقول: إنّه بعد انتهاء أمد التخصيص هل نتمسّك بدليل الحكم، أو بدليل استمرار الحكم؟ فلو اُريد التمسّك بدليل الحكم فالمفروض أنّه لم يدلّ إلاّ على أصل الحكم بنحو القضية المهملة، ولم يدلّ على إطلاقه، فكيف نتمسّك به؟! ولو اُريد التمسّك بدليل استمراره قلنا: إنّ هذا الدليل موضوعه هو الحكم ومحموله هو العموم، ونحن لم نحرز موضوعه ؛ اذ يجب أن يحرز موضوعه بالدليل الأوّل الذي لا يجري هنا حسب الفرض، إذن فكيف نتمسّك بدليل لم نحرز موضوعه؟! هذا ما ينسب إلى المحقّق النائيني (رحمه الله) في المقام.

ويرد عليه:

أوّلاً: أنّنا نسأل هل قصد بالعموم الزماني والاستمرار هنا الاستمرار بمعناه الاسمي، او الاستمرار بمعناه الحرفي؟ فإن كان مقصوده الاستمرار بمعناه الحرفي كما هو الظاهر، قلنا: إنّ استمرار الحكم بالمعنى الحرفي ليس شيئاً وراء الحكم حتّى يقال: إنّهما مدلولان طوليان، وإنّما هو نفس الحكم بوجوده الوسيع، وليس استمرار الحكم إلاّ كحدوث الحكم، وكما أنّ حدوث الحكم لا يحتاج إلى دالّ آخر، إذ هو نفس الحكم، كذلك استمراره. إذن، فهذا الحكم الذي ثبت بمقدّمات الحكمة كونه حكماً مطلقاً لو خرجت منه قطعة معيّنة لماذا لا نتمسّك به في الباقي؟! وإن قصد به الاستمرار بمعناه الاسمي قلنا: لا حاجة إلى التمسّك بدليل الاستمرار