المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

517

بمعناه الاسمي، ويكفينا نفس دليل الحكم الذي يدلّ على الاستمرار بالمعنى الحرفي.

على أنّ ظاهر عبارته (رحمه الله) هو ان الاستمرار إذا كان وصفاً للحكم احتاج إلى دالّ آخر غير الدال على الحكم، وإذا كان وصفاً للمتعلّق لا يحتاج إلى دال آخر غير الدال على المتعلّق، في حين أنّه ليس الأمر كذلك، فإنّ الاستمرار بمعناه الاسمي كالحدوث بمعناه الاسمي يكون مدلولاً آخر لدالّ آخر مطلقاً. نعم، هذا لا يوجب سريان إشكاله (رحمه الله)لو تمّ في التمسّك بعموم الحكم إلى التمسّك بعموم المتعلّق(1).

وثانياً: أنّنا نسأل مرّة اُخرى: ماذا يقصد بقوله: إنّ دليل الاستمرار موضوعه الحكم وهو غير محرز، فلا يمكن التمسّك به؟ هل يقصد بذلك: أنّ دليل الاستمرار موضوعه الحكم بنحو القضية المهملة، أو يقصد به: أنّ دليل الاستمرار موضوعه الحكم المستمرّ؟

فإن قصد الثاني فهذا لا معنى له ؛ لأنّ الحكم المستمر لا يحتاج إلى الحكم عليه بأنّه مستمرّ، وإن قصد الأوّل فالحكم بنحو القضية المهملة ثابت بالدليل الأوّل.

وثالثاً: أنّ حمل التفصيل بين مفرّدية الزمان وعدمها على هذا المعنى يستلزم جعل هذا المعنى مجرّد صناعة خيالية في الذهن ليس لها أي مجال للتطبيق خارجاً، مع أنّه ليس مقصودهم ولا مقصود المحقّق النائيني (رحمه الله) ذلك.

وذلك لأنّ فرض شمولية الحكم بدليل الحكمة أو بالإطلاق ومقدّمات الحكمة يستلزم فرض إطلاق المتعلّق، ولا يمكن عادة أن يفترض إهمال المتعلّق في هذه الحالة كي يقال: إنّ العموم الزماني لم يكن تحت الحكم، فلم يمكن التمسّك به.

وتوضيح ذلك: أنّ شمولية الحكم لكلّ الأزمنة بدليل الحكمة أو بالإطلاق تعني أنّ المولى يكون في مقام البيان من ناحية الحكم، ولا يتعقّل عرفاً كون المولى في مقام البيان من ناحية الحكم وعدم كونه كذلك من ناحية المتعلّق؛ لأنّ المتحصّل من الحكم والمتعلّق شيء واحد، إما أن يكون المولى في مقام بيانه أو لا يكون، ومع فرض كونه في مقام البيان يتمّ الإطلاق ومقدّمات الحكمة في المتعلّق لا محالة.

إلاّ بناءً على أنّ الإطلاق مؤونة زائدة، وأنّه وإن كان يثبت في مقابل التقييد من باب كونه


(1) لعلّ المقصود: أنّ الاستمرار لو اُخذ وصفاً للحكم فقد يفترض ورود إشكال المحقّق النائيني (رحمه الله) على التمسّك بعموم دليل الاستمرار، وهو أنّ هذا الدليل موضوعه الحكم والمفروض أنّنا لم نحرز الموضوع. أمّا لو اُخذ وصفاً للمتعلّق فلا مجال لهذا الإشكال ؛ لأنّه ليس المفروض في باب المتعلّق أن يُحَرز كي يثبت الحكم، وإنّما الحكم هو الذي يتطّلب منّا إيجاد المتعلّق مثلاً.