المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

52

الوقت؛ ولذا يقول: «بالشك»، وهذا وإن لم تكن فيه استحالة عقلية لعدم المنافاة بين اليقين والشك عقلاً عند فرض التعبّد، لكن يُرى في ذلك التهافت عرفاً.

وإن حملناه على اليقين الوجداني لزم بذلك عدم وحدة المقصود من لفظي اليقين الواردين في سياق واحد، وعدم تحقّق ما مضى أنّ الحديث ظاهر فيه من تألّف القياس من الصغرى والكبرى من هاتين الجملتين، وكون قوله: «لا تنقض اليقين بالشكّ» تكراراً صِرفاً لقوله: «فإنّه على يقين من وضوئه» لا كبرى وتلك صغراها.

فالصحيح هو التحفّظ على ظهور جملة: (فإنّه على يقين من وضوئه) في الإخبار باليقين الحقيقي.

 

هل الجملة هي الجزاء؟

الناحية الثانية: في أنّ هذه الجملة وهي قوله: «فإنّه على يقين من وضوئه» هل هي الجزاء أو غيرها هو الجزاء؟

وقد ذكرت في هذه الجملة في المقام احتمالات ثلاثة:

الأوّل: كونها من متمّمات الجواب، بأن يكون الجواب محذوفاً، أي: وإلاّ لا يجب عليه الوضوء، فإنّه على يقين من وضوئه.

والثاني: كون الجواب هو قوله: «ولا ينقض اليقين بالشكّ» فقوله: «فإنّه على يقين من وضوئه» إمّا هو من متمّمات الشرط أو من مقدّمات الجواب.

والثالث: كون هذه الجملة بنفسها جواباً.

ولندرس هذه الاحتمالات تارةً بناءً على كون هذه الجملة إخباراً، واُخرى بناءً على كونها إنشاءً، ونقصد بالإنشاء ما يعمّ كون نفس الجملة إنشاء وكونها إخباراً عن يقين تعبدي، فنقول:

أمّا بناءً على الإخبار فالاحتمال الأوّل احتمال متين ومنسجم مع الذوق العرفي، وما قد يقال في مقام استبعاده: (أوّلاً: من أنّه يلزم التكرار؛ إذ الجزاء المحذوف وهو قوله: «لا يجب عليه الوضوء» تكرار لما سبق من قوله: «لا، حتّى يستيقن»، وثانياً: من أنّ التقدير خلاف الأصل، إذن فهذا الاحتمال يكون على خلاف الظاهر) غير صحيح:

أمّا الأوّل؛ فلأنّ المفروض هو حذف أحد المكرّرين، فلم يلزم تكرار في اللفظ، وما يوجد فيه شيء من القبح أو الركّة في الكلام إنّما هو التكرار الفعلي في اللفظ لا التكرار