المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

524

وهذا الإشكال تارةً يبيّن بنحو يسدّ باب الاستصحاب في تمام موارد الشبهة الحكمية، واُخرى يبيّن بنحو يسدّ باب الاستصحاب في كثير من مواردها على اختلاف في تقريباتهم لا يهمنا ذكره.

ومن هنا انتقلوا إلى بحث ثان وهو البحث عن حلّ لهذه المشكلة، وهو إحالة وحدة الموضوع إلى العرف، فيقال: إنّه لا يشترط في الاستصحاب وحدة الموضوع بالدّقة العقلية حتّى لا يجرى الاستصحاب في الشبهات الحكمية، بل تكفي الوحدة العرفية، فيجري الاستصحاب في الشبهات الحكمية. والضابط في ذلك هو كون الحيثية المحتملة الدخل بقاءً هل تعتبر حيثية تقييدية من قبيل العلم في موضوع التقليد مثلاً، أو تعتبر بالمسامحة العرفية مجرّد حيثية تعليلية دخيلة في ثبوت هذا الحكم لذاك الموضوع فليست داخلة في نفس الموضوع من قبيل التغيرّ في نجاسة الماء المتغيّر مثلاً.

ومن هنا انتقلوا إلى بحث ثالث وهو أنّه كيف صارت هنا المسامحة العرفية في التشخيص يعوّل عليها، وأيّ قيمة لها في حين أنّه لا يعوّل عليها في موارد اُخرى من قبيل تحديد الكرّ، أو تحديد المسافة في القصر، ونحو ذلك؟!

أقول: الواقع أنّ اشتراط بقاء الموضوع لم يبيّن بصياغة فنّية، فكأنّما تخيّل أنّ اشتراط بقاء الموضوع ووحدة القضية المشكوكة والقضية المتيقّنة يكون معناه أن يحرز أنّ المشكوك على تقدير وجوده في الواقع هو عين المتيّقن على كلّ حال، فيقال: إنّه في المقام تكون نجاسة الماء المتغيّر بعد زوال تغيّره هي عين النجاسة السابقة لو كان موضوعها التغيّر ولو آناً مّا. وأمّا لو كان موضوعها التغيّر الفعلي فهي ليست عين النجاسة السابقة، إذن فالمشكوك على تقدير وجوده ليس في الواقع عين المتيّقن على كلّ حال، وإنّما هو عينه على بعض الأحوال. وتعالج المشكلة عندئذ بأنّ التغيّر مثلاً حيثية تعليلية، فالقضية المتيقّنة هي نجاسة ذات الماء من دون أن يكون التغيّر داخلاً في موضوعها. إذن فالمشكوك لو كان موجوداً واقعاً هو عين المتيّقن على كلّ التقادير والأحوال، لا على بعضها.

ولكنّ الصحيح ـ بعد أن عرفنا أنّ هذا الشرط لا ينبغي أن يكون شرطاً جديداً وإنّما الشرط الواقعي هو الشكّ في بقاء ما كان ـ هو أنّه ليس من اللازم كون المشكوك في فرض وجوده عين المتيّقن على كلّ تقدير، بل يكفي كونه عين المتيّقن على بعض التقادير، لأنّه بما أنّنا نحتمل ذلك التقدير ـ فلا محالة ـ نحتمل بقاء المتيّقن. إذن فمقتضى القاعدة هو جريان الاستصحاب حتّى في ما إذا كان المفقود المحتمل دخله من الحيثيات التقييدية، إذ على تقدير