المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

527

للتغيّر مفاهيم ثلاثة متباينة. أمّا لو لاحظنا المصاديق والوجودات الخارجية فمصداق الماء مع مصداق الماء المتغيّر يتّحدان في الماء المتغيّر، وليس مصداق الماء المتغيّر عبارة عن الماء زائداً التغيّر، بل مصداقه إنّما هو ذات الماء، وإنّما أثر القيد في الماء المتغيّر هو تضييق دائرة الصدق، وكذلك مصداق الماء المتغيّر والماء الفاقد للتغير قد يتّحدان ذاتاً وإن كان هناك تفاوت بينهما زماناً، وذلك كما لو كان هناك ماء متغيّر ثمّ زال تغيّره، فمصداق ما كان من الماء المتغيّر هو عين مصداق الماء الفاقد للتغيّر، وإنّما الفرق بينهما من حيث الزمان.

وبعد الالتفات إلى هذه المقدّمة نقول: إنّ هذا الإشكال إنّما يتصوّر له مجال لو اُريد إجراء الاستصحاب بلحاظ عالم الجعل حيث إنّ الموضوع في عالم الجعل ليس إلاّ مفهوماً من المفاهيم، وقد عرفت أنّ المفاهيم الثلاثة بعضها مباين للبعض، فيحتمل عدم بقاء الموضوع، ولكنّ الاستصحاب بلحاظ عالم الجعل في نفسه غير جار بغضّ النظر عن هذا الإشكال، وذلك بلحاظ عدم وجود حدوث وبقاء، وكون جعل النجاسة بعد زوال التغيّر في عرض جعلها على الماء المتغيّر بالفعل كما مضى في بحث الاستصحاب في الشبهات الحكمية، ولذا كان السيّد الاُستاذ يُجري استصحاب عدم الجعل الزائد، وإنّما نقصد إجراء الاستصحاب بلحاظ عالم المجعول ـ وعلى حدّ تعبيرنا ـ بلحاظ النظر بالحمل الأوّلي إلى الحكم، وبهذا اللحاظ لا يُرى إلاّ المصداق بأن يوجد المصداق خارجاً، أو يقدّر المجتهد المصداق ويستصحب، وفي عالم المصاديق يكون مصداق الماء المتغيّر مصداقاً لطبيعي الماء، ويكون مصداقه متّحداً ـ أيضاً ـ ذاتاً مع مصداق الماء الفاقد للتغيّر مختلفاً معه في الزمان، فإشكال احتمال تغيّر الموضوع نشأ من عدم التوحيد بين مصبّ الاستصحاب ومصب ملاحظة الإشكال والبحث عن تغيّر الموضوع، فمصب الاستصحاب هو عالم المجعول والمصاديق في حين أنّ الإشكال لوحظ بالنظر إلى عالم المفاهيم، فتخيّل ورود إشكال على هذا الاستصحاب.

فإن قلت: إنّ مصداق الماء الذي هو موضوع للنجاسة الخارجية وإن لم يتبدّل لكنّ النجاسة الخارجية من المحتمل تبدّلها، وكون الباقي ـ على تقدير بقائه ـ غير الحادث، وذلك كما لو كانت النجاسة السابقة قد جعلت على الماء المتغيّر بالفعل، والنجاسة بعد زوال التغيّر على تقدير ثبوتها كانت بجعل آخر.

قلت: إذا صار القرار على النظر إلى عالم المجعول وإلى النجاسة الخارجية، أو بتعبير آخر: إلى النجاسة بالحمل الأوّلي، فكلّ الحيثيات التقييدية للجعل تصبح تعليلية للمجعول واقعاً